X

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. ” فزع الحروف ” .. ” ما بين يابس الصحفي وأخضر الوزير .. أبو نمو باقي خيرك ضمو “

أبو نمو في العنوان اعلاه بالتأكيد هو وزير المعادن الحالي محمد بشير ابو نمو ، و “باقي خير ضمو ” تقال دائما للشخص الذي بدر منه ما يسئ له ولغيره ويتم تنبيهه بأن يتوقف حتى لا يخسر الكثير وخاصة عندما يكون الامل فيه يمكن أن يسمو فوق ساقط القول . المناسبة أكيد السجال الذي يدور هذه الايام بين زميلنا الصحفي النابه عبدالرحمن العاجب والسيد الوزير ابو نمو بسبب تحقيقات شبهات الفساد بوزارة المعادن . بهذه المناسبة اود استعراض جزء من تجربتي في التحقيقات الصحفية لعلها تسهم في نزع فتيل الفتنة بسبب هذه التحقيقات واقول فتنة لأن الامر تحول من عمل صحفي دوره مراقبة المسؤلين وكشف اخطاءهم وشخص وضع موضع مسؤلية في مؤسسة دولة يتحمل اداءه الخطأ والصواب الى استهداف اثني وشخصي وخطاب كراهية كما يدعي أحد الأطراف وحقيقة الأمر نحن كصحفيين هذا الادعاء نعتبر المقصود به صرف الانظار عن جوهر ما كشفته التحقيقات من تجاوزات وبهذا يكون استدعاء عاطفة الاثنية وحمية القبيلة والأهل هي أشد وطأة وأكثر خطرا من التجاوزات المذكورة في التحقيقات ولذلك هي الفتنة بعينها اذا تمددت ستقضي على يابس الصحفي وأخضر الوزير ..
نعود لنموذج تجربتي في التحقيقات ..
في العام ٢٠١١ وحينها كنت محرر بقسم التحقيقات بصحيفة الخرطوم ورئيس القسم حينها الاستاذ توفيق البدري ورئيس التحرير فضل الله محمد طيب الله ثراه .. ذهبت في زيارة اجتماعية لاحد اقربائي وجدت معه مواطن اتى من الولايات لديه طفل تقرر له عملية في الخارج بمبلغ حوالي عشرة الف دولار وطلب مني ننشر له نداء انساني في الصحيفة طلبت منه المستندات فقدمها لي وانا اراجع فيها وجدت فيها خطاب موجه من وزارة المالية لوزارة الخارجية بالتصديق بمبلغ دولاري اكثر من ثلاث اضعاف عملية ابن هذا المواطن المبلغ مصدق لصالح ابن وزير المالية حينها علي محمود عبدالرسول وذلك خصما من مال الدولة بسفارة جمهورية السودان بواشنطن .. سألت المواطن من اين أتتك هذه الورقة قال لي قدمت لطلب اعانة من وزارة المالية وطلبوا المستندات الاصلية وعندما صوروها في مكنة الوزارة ورجعوا لي اوراقي وجدتها مع مستنداتي .. استاذنته بان اخذها .. وبدات تدور في ذهني اسئلة كثيرة لماذا التصديق لابن الوزير بهذا المبلغ الخرافي مقارنة بابن المواطن الذي هو في رحمة الف او ألف وخمسمائة دولار وهو اعلى مبلغ كان حينها يصدق لدعم المواطن اذا تقرر له العلاج بالخارج ، ثم لماذا العلاج بامريكا لابناء الوزراء وسياسيا هم معها في اشد العداء وكثير من الأسئلة تدور .. المهم حملت الورقة وذهبت لرئيس القسم وابلغته بانني اود عمل تحقيق في الامر واخذت ارشادات مهمة وطلب مني السرية وابلاغه باي خطوة اقوم بها انجزت التحقيق في حوالي خمسة واربعين يوم تحصلت خلالها على كافة المستندات الاصلية والاعتراف الصوتي من وكيل الوزارة بالانابة حينها منى ابوحراز .. وعندما اكتملت كل اركان التحقيق تم استدعائي من جهاز الامن بسبب ان منى ابوحراز ابلغت مندوب جهاز الامن في المالية بان هنالك صحفي سجل لها افادات في هذا الموضوع وغضب مني الضابط المسؤل في وزارة المالية وكاد يفتك بي وعيونه تطاير شرر تجاهي حين تم استدعائي وحينها كان هنالك ضابط اعلى منه رتبه زجره وقال له بان الصحفي هذه مهمته وقام بعمله وغلطانه المسؤلة التي صرحت له .. وعندما تأكدوا من صحة كافة المستندات معي والتسجيل الصوتي طلبوا مني إرجاء النشر لأن الوزير علي محمود هو رئيس لجنة معالجة آثار انفصال جنوب السودان ونشر هذا التحقيق الآن سيهزه فقلت لهم قرار النشر ليس عندي بل رئيس القسم ورئيس التحرير هم اصحاب القرار .. فقالوا لي من رئيس تحريركم فقلت لهم فضل الله محمد فقالوا تمام واطلق سراحي .. وعندما رجعت ابلغت رئيس القسم الذي لم يعبأ بذلك كثيرا واعد التحقيق وقدمه للاستاذ فضل الله محمد فرفض الاذن بالنشر بحجة ان هذه المستندات الصحفي سرقها .. فجاء رئيس القسم غاضب جدا رمى التحقيق وحينها كنا نكتب على الورق وقال لي انا قررت الاستقالة لان الاستاذ فضل الله قال انت سرقت هذه المستندات وغضبت جدا وحملت معي المسجل وشريط الكاست ودخلت على الاستاذ فضل الله دون استئذان رغم انه كان لا يقابل محررين ورميت له المسجل ودست على الصوت فقلت له لو انا سرقت المستندات في سبيل المصلحة العامة تصرفي صحيح وانا لم اسرق مال ولكن انتفرض رؤيتك صحيحة فهل انا سرقت هذا الصوت فقال لي يا ابني انت صحفي ” مقرم ” وانا ……. ” ربنا يرحمه ويغفره له واقنعني بانه لا يمكن نشر هذا التحقيق الا تقابلوا الوزير ووو المهم شروط تعجيزية .. المهم انا استسلمت واقنعت توفيق البدري بان لا يستقيل ونشتغل غير هذا التحقيق لكن الاحتجاج توسع شمل الزبير سعيد مدير التحرير حينها الذي هدد بالاستقالة اذا التحقيق هذا لم ينشر وتوسعت الاحتجاجات وشملت حتى الادارة المالية التي رات بان هذا التحقيق سيرفع نسبة التوزيع بصورة كبيرة .. ولأهمية التحقيق اتصل البدري بمدير تحرير صحيفة السوداني حينها عثمان فضل الله وقال له لدينا تحقيق قوي ومحكم ممكن تنشروه في السوداني ؟ فطلب مهلة وبعدها ابلغ توفيق بانه استشار رئيس التحرير ضياء الدين بلال ورفض نشر التحقيق خوفا من الوزير يقول بأن الصحيفة تستهدفه لأنهم قبل ثلاثة ايام نشروا تحقيق سوق الاوراق المالية للزميل ابوالقاسم ابراهيم الذي اعتقله حرس الوزير علي محمود على اثره .. وسادت موجة من الاحباط داخل مبنى الصحيفة بصورة ما عادية واصبح لا يوجد حديث معي من الجميع الا على اهمية نشر هذا التحقيق ففكرت في صحيفة الاهرام اليوم وحينها كان رئيس تحريرها الهندي عزالدين اتصلت عليه تلفونيا وطلب مني احضر اليه في مكتبه حملت التحقيق والمستندات وكان مقر الاهرام بشارع الجامعة وفي الطريق مررت بصحيفة الوطن وجدت الاستاذ جمال عنقرة في سيارته وانا اعرفه منذ عهد السوداني الدولية في عهدها الاول وحدثته عن التحقيق فاخذني من يدي وادخلني على رئيس تحرير الوطن حينها الاستاذ عادل سيد احمد خليفة عندما اطلع على التحقيق والمستندات وكان اليوم خميس فقال لي تعال يوم السبت نعمل منه خبر للاحد وننشره السبت فقلت له لكن اذا التحقيق نشر عندكم سيتم فصلي من الخرطوم قال لي حبابك انت وتحقيقك فتفاجأت بتروج كبير في الصفحة الاولى يوم السبت ثم المانشيت الاول يوم الاحد .. وعقد الوزير مؤتمر صحفي في نفس اليوم كان بغرض التنوير عن نتائح زيارة الرئيس عمر البشير للصين لكن كامل المؤتمر الصحفي سيطر عليه موضوع التحقيق والوزير رغم أنه لم ينكر صحة ما ورد في التحقيق لكن نسب ذلك للموظفين واتهم مسؤل في الدولة زورا بأنه من سرب لي المستندات المهم في الأمر نشر التحقيق يوم الاثنين ٤/٧/٢٠١١م وجميع صحف ذاك اليوم كانت منشتاتها عن هذا التحقيق ثم انبرى كتاب الاعمدة متناولين فحوى التحقيق منهم يتهكم على الوزير لانه طلب من المواطنين اكل الكسرة لسوء الاوضاع الاقتصادية ومنهم من يدافع عن الوزير ومنهم من يقدح في مهنية الصحفي والصحيفة ..
لكن هذا التحقيق فتح الباب لتحقيقات كثيرة وشجع المصادر على تدفق المستندات على صحيفة الوطن واتت قضايا اخرى ضد علي محمود وغيره من المسؤلين لان مصادر المعلومات وثقت في الصحيفة بأنها اصبحت تنشر كل ما يأتي اليها بمستند وانها لا تحابي المسؤلين ..
المستفاد من هذه القصة بأنه لا مصلحة لصحفي في استهداف مسؤل وأن مواصلة الزميل عبدالرحمن العاجب في سلسلة تحقيقات تتعلق بوزارة المعادن السبب فقط لان المصادر التي لديها معلومات ومستندات أو قضايا تجاه الوزير او الوزارة اصبحت الجهة المأمونة هي صحيفة الجريدة وخاصة الصحفي عبدالرحمن العاجب .. الذي يقلل من انحراف هذه القضية لشخصنة او تصنيفها خارج صياغها تعامل الوزير بحكمة وحنكة مع الاعلام واستعداء الصحفي لا يبرئ ساحة اي مسؤل .. وضحكت جدا عندما طالعت طلب مكتب اعلام الوزير ابونمو الذي طلب من جريدة الجريدة ان تبعث صحفي غير عبدالرحمن العاجب ليطلع على المعلومات المتعلقة بالقضايا المثارة وكانهم يعتقدوا بانهم بذلك سيعزلوا العاجب عن مهنته او مجتمعه الصحفي اولا الصحيفة لو فعلت ذلك عليها ان تغلق ابوابها الى الابد وتمسح بتاريخها الناصع الارض والاهم من ذلك لو فعلت ذلك ستتفتح للعاجب جميع المنصات الحرة والساعية للحقيقة ولكننا نستبعد ذلك في جربدة محترمة ورئيس تحريرها محترم مثل جريدة الجريدة مع ذلك من الافضل للوزير وللوزارة أن تفتح ابوابها للصحفي عبدالرحمن العاجب ابوابها وقلبها لتختبر مهنيته وشجاعته المهنية اذا فعلا تثق في سلامة موقفها وايضا يمكن يكون الوزير موقفه الشخصي من العاجب في محله يعني يا ابو نمو ” شيلوا القضية العامة مع بعض وحربكم في محلو” وبذلك اذا رفض العاجب ذلك ستكونوا سددتوا له ضربة موجعة .. ولدينا ايضا نموذج في على محمود حين واجهته الصحافة استدعى اصدقاءه علاقة النسب ودعوا اسرة صحيفة الوطن عشاء في منزله ولكن اشترط عادل سيد احمد ان يكون الصحفي عبدالباقي جبارة صاحب تحقيق علاج ابن وزير المالية في امريكا معهم فوافق الوزير .. وقد كان وبعد ان تعشينا واتيحت لي فرصة مداخلة سألته هل ارجعت المبلغ المذكور في التحقيق الى خزينة الدولة فكانت اجابته بانه هو حق له لكن كانت الاجراءات التي اخذ بها خطأ وتواصلت التحقيقات تجاه الوزير ولم يوقفها العشاء لكن كانت دفوعاته حاضرة ..
النقطة المهمة انا على المستوى الشخصي باعتباري رئيس جمعية صحفية فكرت في الصلح بين العاجب والوزير ابو نمو ولسبب اساسي لاننا راينا الامر انحرف لبعد اثني ونعرات نحن في غنى عنها وثانيا حتى نرفع الحرج عن زميلنا عبدالرحمن العاجب الذي ارهقه تتدفق المعلومات من هذه الوزارة واذا لم يتعامل معها الا يتخلى عن مهنته ولذلك الصلح لا يعني هضم حق الصحفي عن ممارسة مهنته او حجب الوزارة من مسلكها القانوني .. لكننا حسب السوابق كل ما نشر من تحقيقات لا يخرج من القضايا العامة وإن ثبت عدم صحة معلومات .. وكذلك لا خوف على العاجب من مسلك قانوني ولا عيب على الوزير اذا خسر قانونيا .. لكننا نخسر جميعنا بالانحراف ووصف هذه القضية بانها خطاب كراهية او صراع اثني ولذلك اتصلت على العاجب الذي تفهم مقصدي تماما ولكن للاسف الوزير لم يرد على هاتفي او الرسالة النصية وعلمت انه رافض فكرة الصلح رضخ حينا وراوغ حينا آخر مع اناس لقرب له منا .. ويا سعادة الوزير بان العاجب لا يملك خيلا ولا ذهبا ولم يحمل سلاحا ولا يفكر في مقاسمتكم السلطة .. فقط بيده قلم قد تكون قيمته مئة جنيه او تزيد قليلا .. ” والبابا الصلح ندمان ” .. ويا ابو نمو باقي خيرك ضمو .. ألهم بلغت فاشهد ..