مهام الوزير في عالمنا العربي والإسلامي تختلف عن المجتمعات الأخرى، وقد شاهدنا وزراء في المجتمعات الغربية يقودون الدرجات الهوائية وبعضهم يمشي بين الناس أو يركب المواصلات العامة دعك من التاريخ المشرق للخلفاء والأمراء وقادة البلاد الإسلامية في القرون الأولى
لكن تحركات الوزراء في سوداننا قد تحدث صدًى واسعاً في الوسط السياسي ، وقد تعود الأسباب إلى شخصية الوزير أو إلى المناطق التي قام بزيارتها أو إلى شكل الزيارة وطريقة الإعداد لها والكم الهائل من الميزانيات التي صرفت على الزيارة.
هنالك انتقادات واسعة وجهت إلى الزيارة التي قام وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د.جبريل إبراهيم إلى ولاية جنوب دارفور من بعض الكتاب والصحفيين والناشطين السياسيين وبعض راود مواقع التواصل الاجتماعي مستغربين عدد السيارات الفارهة التي شاركت في هذه الزيارة، ويرى بعض أن المواطن أولى بمثل هذه الأموال لذا بجب صرفها للمساهمة في حل الضائقة المعيشية أو تُوجه لقطاعي الصحة والتعليم.
أيضاً صاحب زيارة السيد وزير المالية تبرعات من خزينة الدولة فهذا يعني أن مثل هذه الأموال يجب أن تكون في أيدي خبراء اقتصاديين وليست في أيادي سياسيين؛ لأن السياسيين يتصرفون في المال العام بصورة أقل ما توصف به هو أنها همجية.
الدكتور جبريل إبراهيم معروف عنه أنه سياسي محنك وله باع طويل في السياسة السودانية وساهم في قيادة حركة العدل والمساواة السودانية حتى كللت مجهوداته بالتوقع على اتفاق جوبا والمشاركة في الحكومة الحالية ضمن عدد من حركات الكفاح المسلح لكن جبريل اليوم يختلف عن جبريل قبل تكليفه وزيرا للمالية.
وعليه أن يضع جلباب السياسية بعيداً ويتحرك بصفته المهنية وأن يعمل على المحافظة على المال العام ويبعد عن كل الشبهات التي قد تزيد من الحرب ضده التي يتقدمها أفراد ومجموعات غير راضية عن تكليف الدكتور جبريل بوزارة المالية منذ تشكيل هذه الحكومة.
نصيحتنا نقدمها للدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي أن يبعد عن الأشخاص النفعيين الذين يجدون في مثل هذه الزيارات مصالح عدة ومنافع ذاتية
هناك فئات كبيرة في المجتمع السوداني قد تضررت جراء السياسات الاقتصادية الأخيرة ولن ترضى مثل هذه التصرفات الخاطئة وغاية ما تتمناه أن يكون هناك ترشيد للمال العام والسيد وزير المالية هو النموذج الذي يقتدي به الوزراء والمسؤولون “يا واعظاً غيرك هلا لنفسك كنت أنت الواعظ”.
تقديم نصائح وإرشاد للسيد وزير المالية لا يعني أننا نغض الطرف عن باقي الوزراء والمسؤولين لكن نريد من الدكتور جبريل أن يبادر بتطبيق سياسات تقشفية في كل الوزارات والمؤسسات الحكومية وأن يكون صرف المال العام في الأولويات بعيداً عن سفاسف الأمور والبزخ والزيارات الجماهيرية والبعثات الخارجية التي أرهقت الدولة.
السيد وزير المالية نرجو أن تضع يدك على المال العام وألا تسمح بصرف جنيه واحد إلا لأمر ضروري يعود بالنفع على المواطن السوداني؛ لأن هناك أسر لا تملك لقمة العيش وبعض الأسر تعجز عن تعليم أبنائها والمستشفيات تضج بالمرضى وستقف بين يدي الله وتسأل عن هذه الأموال التي تنفق بغير وجه حق من قمة الدولة إلى أسفلها.
*الإثنين 23 يناير 2023*