تأخذ الدراما بعدها من الأدب وأحوال المجتمع عن قصص المفارقات والتي تكون فيه المقدمات مخالفة للنهايات عبر اسلوبها الشيق ، وتجعل الحيرة تبدو في وجه المشاهد حسب تناقضات الأحداث والوقائع . هذه المكونات هي فعلاً ما عكفت عليه صحفية بجريدة سودانية ذائعة الصيت خلال الايام الماضية بأن نشرت تقريراً او صحافة استقصائية مفاده ان المباحث الفيدرالية تمكنت من ضبط عملية تزوير شهادات جامعية ، في تقديري هنا الامر عادياً جداً …باعتبار ان التزوير من طبع البشر الى أن تقوم الساعة ..وهو صراع آدمي ما بين الحق والباطل والخير والشر …ولكن الغريب وغير الطبيعي في التقرير الخبري الذي اوردته الصحيفة هو ان هذا التزوير تم داخل ( جامعة ) وحتى هذه الجامعة (وهمية) اي لا وجود لها، ولكن بها كليات وآلاف الطلاب الذين تخرجوا منها ، وهذا تناقض تصحبه ملامح من الاستغراب والدهشة والحيرة لكل اطياف المجتمع السوداني وغير السوداني من اصحاب المصلحة في ذلك طبعاً لأن مثل هذه الاخبار السلبية والمفبركة لها انعكاسات، وتسبب اثراً قوياً في مسامع الرأي العام وتفقده الثقة في مؤسسات دولته، فالكلمة كالرصاصة تحدث مفعولها ولن تستطيع ترميم شرخها بسهولة، بالتالي يقفز السؤال المنطقي هل يمكن ان يتم لجامعة غير مسجلة بسجلات وأحكام التعليم العالي ان تستغل عملية احتيال و اغتيال لهذا المجتمع الكبير بهذه الصورة ؟ وكمان تمارس عملها منذ العام 2012 في قوة وتحدي ، ذلك فعلا ما يجعلنا نهرش ادمغتنا ، ونحك أعيننا ، سرعان ما خففت وزارة التعليم العالي وطأة وعبء ثقل ذلك الخبر وقالت ان هذه الجامعة ( الوهمية) غير مسجلة لديها وشهاداتها مزورة وانها غير مسؤولة عن فعلها … من كل ذلك تقديراً وتحليلاً ذهبت بمعالم تفكيري الى ان هذه الصحفية ارادت النيل من الجامعات السودانية، واشانة سمعتها، وأن تغتال التعليم العالي في مقتل بتوظيفها تلك الحبكة القصصية الدرامية بما يمكنها القفز الى أسوار وحرم الوزارة واقحامها عنوة رغم انف القراء ، وإقناعهم بما لا يصدق وتنتاش الوزارة عبر سهام التزوير والاحتيال وتنسبه إليها بكل مكر وخداع، وتترك المعهد وتبعيته واصحابه في قبضة الشرطة ثم ترسم من تحقيقها صورة ذهنية مزيفة بالكلمات والمفردات على شاكلة ( جامعة وهمية وكليات وآلاف الطلاب ) في قصة سمتها العامة الإخراج الدرامي، وتمثل انحيازاً منحرفاً منها وتبتعد بذلك وبصورة ذكية جدا عن اخلاقيات ومعايير العمل الصحفي الا وهو اتباعها اسلوب التحيز المستتر والخفي وهو من الأساليب الدعائية المعروفة، ولكن للاسف ظهرت أبعاده ومقاصده في الهدف العام لهذا التحقيق وهو النيل من سمعة التعليم العالي ومؤسساته … دعونا نتخيل لو قالت ( ضبط مركزاً تدريبياً يزور شهادات جامعية ويخرج آلاف الطلاب ) كيف سيصبح وقع الخبر ؟ بالتأكيد لن يهتم به أحد. ياعزيزتي الصحفية لماذا اهملتي ذكر الجهات التي تتبع لها هذه المراكز التدريبية وتمنح الدبلومات ؟ لم يأت ذكرها نهائياً في تحقيقك ؟ بالرغم من انها صاحبة الشأن… هذا التحقيق يمكن ان يصلح سيناريو في عالم الدراما المصرية اذا وجد مخرجاً نابهاً وسيناريست محنكاً ، حيث يجتمع في هذا النوع من التحقيق الدرامي خليط من الضحك والحزن والخوف والجد والواقع ، فهو جمع تناقضي قدمته الصحيفة السودانية مابين الكوميديا والتراجيديا ، فالدراما غرضها التسلية والترويح والإمتاع .