الخرطوم – عبدالرحمن العاجب
كشفت مصادر واسعة الاطلاع عن وجود شبهات فساد وعمليات سمسرة كبيرة تمت في توقيع عقودات مع شركات تعدين كندية وأسترالية، وبحسب المصادر فإن العقودات لم تتم عبر الطرق المؤسسية والقانونية المتبعة في الدولة وتمت عبر علاقات شخصية لعبت فيها العلاقة الأسرية بين وزير المالية ووزير المعادن دور كبير بجانب دخول بعض السماسرة على الخط.
وكانت وزارة المعادن أبرمت في وقت سابق ودون علم كثير من مؤسسات الدولة المعنية بالأمر عقد مع شركة اوركا(Orka الكندية ) وشركة ( Persis الأسترالية) للتعدين عن الذهب في المنطقة الواقعة بين ولاية نهر النيل وولاية البحر الأحمر.
وبحسب إفادة بعض الخبراء القانونيين فإن غياب مؤسسات الدولة بسبب إنقلاب 25 أكتوبر والفراغ الدستوري الذي أحدثه الانقلاب سيدخل السودان في التزامات يصعب التخلص منها، ونبه الخبراء القانونيين إلى إمكانية وجود تلاعب في العقودات في حالة تواطؤ وزارة العدل مع الجهات الأخرى، مؤكدين أن خطورة هذا الامر تتمثل في إدخال السودان في التزامات يصعب التخلص منها وربما تفقده موارد ضخمة.
وفي اجتماع عقده وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الدكتور جبريل إبراهيم في مكتبه أمس وبحضور وزير المعادن محمد بشير ابو نمو ومدير الشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول ومندوبي الشركتين، طالب وزير المالية بضرورة الإسراع في تنفيذ إجراءات العقد الذي أبرمته وزارة المعادن مع الشركتين الكندية والاسترالية.
ويرى البعض أن مطالبة وزير المالية بالإسراع في تنفيذ العقد تشير بشكل غير معلن إلى وجود أمر ما، ووجود صفقات غير معلنة بين الأطراف في هذا الشأن، فيما توقع وزير المالية استخراج وإنتاج كبير من الذهب يصل إلى (7 ) طن في السنة حسب التوقعات والدراسات مشيرا إلى أن الاحتياطي الموجود يفوق ال (80) طن من الذهب والمعادن الاخرى.
وفي وقت سابق وصف ريتشارد كلارك الرئيس والمدير التنفيذي لشركة أوركا لإنتاج الذهب (Orca Gold) إمكانات الذهب في السودان أنها مذهلة للغاية، وقال في مقابلة مع مؤسسة بلمبيرغ الإعلامية أن السودان أصبح اليوم ثاني أو ثالث دولة منتجة للذهب في القارة الإفريقية، وقال كلارك في المقابلة إن شركته تخطط لانتاج 228،000 اوقية من الذهب الخالص ما يعادل 5،700 كيلو غرام سنوياً في المنطقة التي تقع في الشمال الشرقي الأقصى من السودان.
وقال كلارك أن السودان ينتج حاليا ما يزيد على 100 طن من الذهب كلها تأتي من التعدين التقليدي و ستكون شركة أوركا التي ستستثمر 350 مليون دولار في عمليات التعدين أول وأكبر شركة متخصصة تدخل هذا المجال في السودان، وأشار كلارك الى أن منطقة التعدين تقع ضمن حزام الذهب النوبي الممتد الى مصر في الشمال والسعودية في الشرق وأرتريا الى الجنوب وأضاف قائلا (نحن إتجهنا الى السودان لأنه في قلب هذا الحزام بما لديه من إمكانات ضخمة).
وبحسب ما أفاد كلارك فأن من العوامل المشجعة هو ان الحكومة السودانية قد التزمت بما وعدت به وهو اخلاء المربع من كل اشكال التعدين العشوائي التي هجمت عليه وان الحكومة السودانية تمكنت خلال الاشهر الثلاثة الماضية من اخلاء الالاف من المعدنيين العشوائيين من المنطقة دون اي حوادث او صدامات.
وفي المقابل أفاد بعض قيادات المجتمع المحلي في ولايات نهر النيل والشمالية والبحر الأحمر بأن وزارتي المعادن والمالية قامت بإبعادهم من معرفة تفاصيل العقد، مؤكدين تمسكهم بحقهم كمجتمعات محلية في معرفة تفاصيل العقد وحقوقهم المشروعة التي تم تضمينها في العقد، وحذروا وزارتي المعادن والمالية من الوقع في مغبة سياسات النظام البائد، وأكدوا أنه في حال عدم تضمين حقوقهم في العقد فانهم لن يسمحوا لهذه الشركات بالعمل في تلك الولايات.
وتعد شركة اوركا (Orca Gold Inc) شركة كندية عامة من اكبر شركات تعدين الذهب في العالم وتعمل على تطوير مشروع مربع (14) للذهب في شمال السودان الذي يبعد حوالي 200 كلم شمالي دنقلا في اقصى شمال شرقي السودان، ولكن عندما بحثنا عن شركتي اوركا(Orka الكندية ) وشركة ( Persis الأسترالية) في التصنيف العالمي لشركات التعدين عن الذهب لم نجد الشركتين في قائمة الشركات الكبرى، وهو الأمر الذي يرجح إمكانية وجود عمليات فساد وسمسرة وتجاوزات في العقودات التي تمت مع الشركتين.