حتى وقت قريب كنا نفخر بسلميتنا وامننا الذاتي الذي ينبع من اصالة هذا الشعب ولم يأت ” منة ” من حاكم أو براعة وفلاحة من أجهزة امنية وشرطية رغم انها اي الاجهزة كانت لها حوبتها ، لأن لأي عهد أو منطقة في العالم لا تخلو من الخارجين عن القانون وهؤلاء هم من تتصدى لهم الأجهزة الأمنية والشرطية وهذا واجبهم كواجب العامل والمزارع والطبيب والمهندس وكل له دور يلعبه وسط المجتمع ولكن ان يصل الامر بأن تصبح التفلتات الامنية ثقافة وفلاحة وامر نتعايش معه هذا ما لا يمكن ان يكون أمرا مقبولا وخاصة اذا كان المتهم الاساسي في هذه التفلتات هي الاجهزة الامنية نفسها قد يكون أمرا طبيعيا ان تتهم الأجهزة الأمنية والشرطية بالتقاعس وقد يجدون لذلك مبرر سواء قلة الامكانيات او حتى نقص الكفاءات لكن ان يصل الأمر ان يصل بالمواطن ويتمنى فيه اذا تعثر حظه يرميه في الخارجين عن القانون بدلا من المنوط بهم حفظ القانون لان المجرمين العاديين يمكن مقاومتهم ومواجتهم او الاستنجاد بالاجهزة الأمنية والشرطية لردعهم لكن فما بالك اذا الذي يجب أن تستنجد به هو الذي اصبح يعتبرك فريسة له . قد يقول قائل وتبرئة لأجهزة الدولة بأن هذه تصرفات فردية فالنفرض ذلك فلماذا تصمت قيادات واجهزة الدولة دون ان تردع هؤلاء الافراد حتى يكونوا عظة لغيرهم .. هذه الايام اصبح عادي جدا ان تسمع في اليوم أكثر من قصة اعتداء من نظامين على مواطن ونهبه وما قصة زميلنا بهرام عبدالمنعم ببعيدة ، الذي نهبه نظاميين يلبسون الزي الرسمي ويحملون السلاح ممول بدافع الضريبة السوداني وعندما استنجد باقرب قوة ارتكاز نصحوه بان يخارج نفسه اي ان يستعوض الله فيما نهب منه وهذا هو المؤشر الخطير جدا والذي يشير الى أن هنالك قيادة تقر هذه التصرفات ولا تبالي بسمعة البلاد او ما يسجله التاريخ من وصمة عار في جبين أجهزتنا الامنية والشرطية والتاريخ لا يرحم .. وبينما كنت افكر مليا واتساءل بيني وبين نفسي هل يفكر قادة هذه الدولة في تاريخهم وتاريخ اسرهم وهل يأمنون بان هذه الاحداث لا تطال اسرهم واقاربهم وهل يرضون ذلك وخاصة أنه زبالتأكيد ليس صعبا حسم هذه التفلتات خلال ساعات ولا يتطلب الامر كثير عنا لكن تبقى الكارثة اكبر اذا كانت هذه التفلتات مقصودة لذاتها كما رسخ في عقل المواطن السوداني بان الهدف منها سياسي بحت هو اخماد حراك الشارع وخنوع الشعب وكسر هيبته بالذل والأهانة .. لكن حقيقة ستاتي نتائج عكسية اذا كان قادة هذه البلاد يعون الدروس بان المواطن السودان له عقلية الابتكار والابداع وخاصة في ما يتعلق بحماية نفسه وكرامته وحينها ستكون الخسارة مزدوجة لحكام هذه البلاد .. واكرر بينما كنت افكر في كيفية توصيل هذه الرسالة للممسكين بزمام الامور في هذه البلاد حول ماذا يفعل المواطن العادي لحماية نفسه وممتلكاته اذا ايقن بأنه يعيش في عهد اللا دولة ولا حكومة و “القوي يأكل الضعيف” .. احد زملاءنا الصحفيين حكى لنا هذه الرواية التي حدثت مع قريبه .
حيث قال : بأن قريبه ذهب الى المنطقة الصناعية بحري وله مبلغ مالي عليه استرداده والمبلغ تقريبا اكثر من مئة ألف جنيه واستلم المبلغ وكان لزاما عليه المرور بأحد ازقة هذه المصانع ولكنه تفاجأ ب ” تسعة طويلة ” وهم مجموعة كبيرة تتربص به فقبل ان يصلهم استنجد ب ” ٩٩٩” اي شرطة النجدة ولكنها تاخرت في اللحاق به ففكر في تصرف غريب حيث خلع كل ملابسه واصبح كما ولدته امه وعملها لفافة أو ” بقجة ” ولف بداخلها المبلغ المالي وتوكل على الله وواجه ” تسعة طويلة ” فأهابوه من منظره البشع وفتحوا الطريق له رغم انه مر بوسطهم دون ان يتعرض له احد وعندما وصل نهاية الزقاق وصلته سيارة الدورية وفيها عدد من افراد الشرطة فواجههم وجها لوجه فدهشوا بمنظره ودخلوا في موجة من الضحك الهستيري لتصرفه هذا وقال لهم اذا لم افعل ذلك قد افقد حياتي ومالي مع بعض حيث اخذوه معهم حتى ستر حاله وسلم بنفسه وماله .. عليه لا نستبعد أن يصيح احدهم في هذا الشعب الذي اصبح يتعرض للنهب في وضح النهار وفي قلب العاصمة لا استبعد ان يصيح احدهم قائلا : ” يلا املصوا كلكم واقعدوا ميطي ” تسلموا .. حقيقة كل عام ترزلون اصبحت واقع .. بعد ان استهجنت حكومة عمر البشير مقال لاستاذنا عثمان ميرغني الذي كان بعنوان ” يلا ارفعوا الجلاليب ” .. الآن وصلنا مرحلة يلا املصوا كلكم .. وعلى قول المثل السوداني ” البلاقيك متقشط اطلع له عريان ” ..