كل من تورط في قتل المتظاهرين يجب أن يقدم للعدالة
الحلول الجزئية لاتزيل العقبات وتؤدي لنتائج كارثية
يوجد تباعد كبير بين مكونات القوى السياسية
اتباع طرق الحل بالقطاعي لا يؤدي لحل مشكلة السودان
حوار . ترياق نيوز _ امال الفحل
بداية / الهادى عجب الدور طرح المعهد الافريقى الدولى للسلام ببروكسل مبادرة للتوسط بين السلطة العسكرية والمدنية للوصول إلى وفاق شامل وتذليل العقبات / ما مدى استجابة الأطراف لهذة المبادرة؟
طرح المعهد الافريقى الدولى للسلام مبادرة للوساطة بين المكون المدنى والعسكرى بناء على اهمية المشهد الساسى السودانى وحوجته لحلول توافقية وتراضى ووفقا لاهداف ومنطلقات وادبيات واسس واهداف المعهد للتوسط بحل النزاعات والصراعات والمساهمة فى بناء الديمقراطية والعدالة والمساواة والحريات كلها محفزات جدية لطرح مبادرة للحل، وبما ان المعهد هو مؤسسة أوروبية ذات نشاط دولى انشأت فى بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي ونسبة لوجود المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي وكبريات المنظمات الأوروبية والزخم السياسي والحقوقي والعلاقات العامة ببروكسل وبإلاضافة لوجود مقر حلف شمال لأطلسي المعروف بالناتو ومقر منظمة الأزمات الدولية وكبريات المنظمات الدولية والثقل العالمي والقانوني هذه الميزات جلعت من المعهد الافريقى الدولى للسلام مرشح قوى للتوسط بين المكون العسكرى والمدنى فى السودان وايجاد ارضية ملائمة للحوار وخلق قواسم مشتركة وتنقية اجواء الحوار والتوصل لاتفاق سياسى شامل وقد خاطبنا معظم الجهات الفاعلة فى المشهد السياسى السودانى لكن كانت درجة الاستجابة متواضعة لان كثير من القوى السياسية لديها مفاهيم مغايرة وتريد ان تتسيد المشهد لوحدها دون ان يكون هنالك مسار للاعتراف بالاخر وادارة حوار ندى او التسليم بحوار مائدة مستديرة تقود لتفاهم شامل مع كافة المكونات ونحن نؤمن بان الازمة السودانية لا يمكن ان تحل الا بالحوار وقبول الاخر ومازالت جهودنا متواصلة املا فى التوصل لاتفاق سياسى شامل ووضع مسار التحول الديمقراطى اولوية فى المرحلة الانتقالية للعبور الى انتخابات شفافة وشاملة
وهل ساهمت فى حل الخلاف ؟
الخلافات السياسية فى المشهد السياسى السودانى هى ليست حالة فجائية او غريبة عن الساحة السودانية بل هى جزء من الادب السياسى السودانى بحكم ان التنافس والمشاكسات السياسية موجودة منذ بداية احزاب الاستقلال وتكونها وطريقة تفاعلها مع العمل العام وولاءاتها وحتى يومنا هذا مازال الحبل على الجرار والتنافس والمناكفة السياسية موجودة ولم تنتهى بعد لكن الاختلاف فى الرآى لا يفسد للود قضية وستستمر العملية السياسية مادامت لا تروج للعنصرية والكراهية ولا تتبنى العنف لتحقيق اهداف سياسية ونحن فى المعهد الافريقى الدولى للسلام ساهمنا فى تسهيل بعض مكامن الخلاف السياسى ولكن لم يتم الحل النهائى وانما هذا يحتاج الى ارادة قوية وشفافية عالية من كافة القوى السياسية والمجتمعية والقوات النظامية والفئات والنقابات وغيرها من التيارات الموجودة بالمشهد العام والحلول الجزئية لن تزيل الخلافات بل تؤدى لتراكمات ستكون عواقبها كارثية
اشرتم إلى ان المبادرة تهدف للجلوس بشكل منفرد او جماعى لسماع وجهات النظر من أجل تحقيق وحدة الثوار وأعداد مسودة التوافق؟هل جلستم مع الجانبين ؟
نعم جلسنا بشكل منفرد مع كثير من مكونات القوى السياسى والكتل والمجموعات والتيارات لكن هناك تباعد كبير فى المسافات بين انشط المكونات وهى تيارات متنافرة كل منها يرى نفسه انه احق بورثة المشهد السياسى وهذا تفكير عقيم لن يؤدى لاى حل ناضج لان السودان بلد متعدد ومتنوع ولا يمكن حكمه او ادارته بعقلية احادية او جهوية او عشائرية لذا جلسنا مع بعض التيارات ومكونات القوية السياسية مجتمعة ومنفردة لكن حقيقة هنالك هوة كبيرة وتحتاج لنقاش وحوار معمق وتقديم تنازلات ومراعاة الجوانب الوطنية كأولوية دون المساومة علي وحدة السودان و بالطبع هى نقطة مهمة وضرورة احترام الاخر والاعتراف به والاعتراف بان الحوار المدنى المتحضر هو الذى يقود للسلام وللتسوية العادلة وحفظ السودان من الانزلاقات الخطيرة وبعض القوى السياسية لديها مبادرات ورؤى تتوافق مع ما طرحناه وبعضها ترفض مبدأ الحوار من الأساس وتتمسك بالتصعيد وهذا مشهد’ مأزوم ويحتاج لصبر وعزيمة وفهم اعمق للقضايا السودانية والأولويات واحترام حقوق الانسان وارواح المواطنين
وكيف تنظر إلى تصاعد الصراع الآن بين المكون العسكرى والمدنى؟
الصراع بين المكون المدنى والمكون العسكرى هو صراع عميق وتنافس فى السلطة وهنالك هوة كبيرة وما كانت هذه الهوة تحدث لو تم اللجوء للحوار وتحكيم العقل والنظر لقضية السودان الكلية من منطلقات وطنية وعدم التفكير بشكل فوقى او انتهازى او سلطوى احادى يقزم بقية المجموع السياسى فى البلد لذا لا يمكن حكم السودان بشمولية مدنية متشبثة بالسلطة والوصولية البائسة او الشمولية العسكرية القابضة على مقاليد الامور بنهم وانفراد لان المشهد السودان حاليا معقد والخارطة الجيوسياسية فى العالم من حولنا تغيرت ولا مجال للحكم الشمولى المطلق دون ان يكون هناك اتفاق سياسى وتفاهم لادارة المرحلة الانتقالية بسلاسة وصولا الى انتخابات حرة ونزيهه ونعتقد ان احترام سيادة القانون ضرورة قصوى واحترام مؤسسات الدولة وانفاذ القانون وفى نفس الوقت السماح بحق التظاهر وحق التعبير السلمى والاحتجاج هو ام بديهى
تطرقت المبادرة لوقف حملات التراشق بين الأطراف الا أنه نجد ان الأمر تصاعد أكثر وذلك باتهام كل من الاخر بأنه هو من تسبب فى قتل المتظاهرين إثر التظاهرات التى تشهدها البلاد؟
قتل المتظاهرين هو امر حزين و غير مقبول ولا يوجد احد عاقل فى هذا الكوكب يسمح او يدعم قتل المتظاهرين السلميين واعتقد هنالك ازمة يجب ان تعالج بالحوار المتحضر و بحكمة وبالقانون والعدالة وكل من تورط بقتل المتظاهرين يجب ان يقدم للعدالة ، وفى نفس الوقت يحتاج السودانين جميعا للوقوف مع انفسهم وتقييم المشهد وعدم ترك الباب للتدخلات الخارجية السالبة التى تعقد المشهد والتى ربما فى بعض الاحيان لديها اجندات قد تنال من الوحدة الوطنية وتعرض امن وسلامة السودان للخطر وفى كل الحالات التوصيف الدقيق لما يحدث الان فى السودان وجود ازمة وانسداد فى الافق السياسى وهذا يحتاج لمعالجات بالحوار وعبر نقاش طاولة مستديرة تشارك فيه كافة القوى السياسية والمجتمعية دون اقصاء اى طرف او التخندق خلف ايدلوجيات ومحاولة فرضها على المجموع الكلى السودانى
ظهرت فى الفترة الأخيرة عدد من المبادرات الوطنية كيف تنظر إلى جملة تلك المبادرات وهل فى تقديرك تسهم فى الحل؟
هنالك عدد من المبادرات التى طرحت فى المشهد السودانى بعض هذه المبادرات مجتمعية وبعضها سياسية وبعضها قانونية سعيا نحو اخراج السودان من اتون الازمة وحالة التراشق والتوعك المستفحل الذى بات مشهد يومى ويشكل مصدر قلق كبير على المستوى المحلى والاقليمى ، كل تلك المبادرات تحتاج ان تتوحد او تشترك فى المعايير و الرؤى لتسهل عملية الحل والاستماع للاخر وتقريب وجهات النظر ومشاركة كل ولايات واقاليم السودان ولا جدوى من التسليم بان الخرطوم وحدها دوما هى من تقرر مصير السودان او تفترض شكل الحكم وادارة الدولة لان هذا النمط من التفكير القديم ادى لوجود صراعات وحروب فى بعض اطراف السودان لذا مبدأ الحوار القادم لابد ان يستوعب الشراكة الكلية والمتنوعة كأولوية للحلول الحكيمة والعاقلة والمبادرات الوطنية اذا ما تم منحها فرصة والتفاعل معها سيكون له نتائج طيبة بالاضافة لذلك هنالك افكار طرحت لتسهيل الحلول حيث ان الامم المتحدة ممثلة فى مساهمات السيد فولكر لتوفير بلاتفورم للسودان ومحاولة ايجاد خارطة طريق و مخرج والوصول لتسوية شاملة لادارة المرحلة الانتقالية واخراج السودان من عنق الزجات وجحيم الازمة المعاشة والتوهم بالبطولات المستمر لدى بعض المكونات التى لم تدرك بعد ان السودان بلد للجميع وان السودان بلد متنوع وليست غنيمة لتيار او ايدلوجيا او جهة احادية او مجتمعات فئوية او شكل من اشكال الانتقائية والابوية المتنفذة
وماهو الفرق بينها وبين مبادرة المعهد الافريقى الدولى للسلام ؟
المعهد الافريقى الدولى لم يقدم حلول جاهزة وانما اعطى افكار هذه الافكار هى مساهمات تصلح لتهيئة الاجواء للحوار ومنح كافة القوى السياسية مساحة متكافئة للحوار والشراكة فى التفكير والانتاج الفكرى والممارسة السياسية والحرية فى التوصل لصيغة مقبولة لكافة الاطراف وهذا يكون عبر التواصل مع كافة القوى والمكونات لتكون قادرة على الولوج فى العملية السياسية، وقد طرحنا سبعة نقاط جوهرية واغلب تلك النقاط او المحاور هى ابجديات عامة تتم فى اى عملية حوار ووساطة بين مكونات اى صراع لخلق بيئة مناسبة وصحية واعتماد الحوار السلمى وعدم اقصاء اى طرف او التصعيد او التجريم المسبق الغير مبرر والذى لم يصدره القضاء العادل ، وفى تقيمنا لمبادرة المعهد الافريقى الدولى للسلام هى مبادرة غير منحازة وليست افكار اجبارية تفرض على اى طرف وليست تصنيفات مسبقة وانما فرصة لتشجيع الحوار والمساهمة بخطوات فعلية نحو ايجاد حل عادل وشامل وشفاف متراضى ومتوافق عليه
تبنت مبادرتكم جزء من البرامج الاقتصادية لتخفيف حدة الضأئفة الاقتصادية التى تشهدها البلاد — والآن السودان يعييش ضائقة معيشية وتفاقم الوضع الاقتصادى إلى الأسوأ فى تقديرك ماهو الحل للخروج من هذا المأزق ؟
نعم طرحنا عدة عناصر ومن بينها هنالك محور يتعلق بمعاش الناس لان الازمات فى السودان فيها جوانب سياسية وجوانب اقتصادية وامنية واجتماعية وقد قدمنا لفت نظر حول المسار الاقتصادى ودعم معاش الناس وهمومهم المعيشية وتبنى برامج الانتاج لان الانتاج فى الدولة السودانية يكاد يكون متوقف بشكل كبير وهنالك هشاشة كبيرة وحالة صعبة وقاسية اذا ما استمرت قد تقود لثورة جياع او انهيار اقتصادى شامل وذلك يضر بوحدة السودان وبشعبه وقيمه وطالبنا بتبنى برنامج اقتصادى اسعافى واخر طويل المدى لكن الاهمية القصوى هى مشاركة كافة القوى السياسية والفئات والنقابات والمكونات العسكرية وحركات الكفاح المسلح والمراة والشباب والادارات الاهلية والطرق الصوفية وممثلى الاديان الاسلامى و المسيحى والشرائح المختلفة وممثلى الولايات والاقاليم فى الحوار الكلى والتوافق على ميثاق شرف يخرج السودان من دائرة الخطر والاتفاق على حكومة مستقلة وانفاذ اتفاقية جوبا للسلام ومخاطبة استحقاقات الاتفاقية ومشاركة المركز والاقاليم بشكل عادل فى قضايا السودان الرئيسية
وكيف تنظر إلى إغلاق طريق شريان الشمال وأثره على تجارة الحدود مع مصر؟
اغلاق الطرق بات شكل من اشكال الاحتجاجات السياسية لتحقيق مطالب قد تكون شاملة او جزئية لبعض الولايات وقد شاهدنا ذلك فى اعتصامات القيادة والقصر واغلاق شارع الستين وطرقات الخرطوم واغلاقات الموانى والطرق القومية فى شرق السودان وغرب ووسط السودان واغلاق طريق شريان الشمال الان هو ليست بمعزل عن تلك الاغلاقات والاعتصامات فى الطريق العام التى تتم هنا وهنالك ، واعتقد المشكلة فى السودان هى جزء منها يكمن فى المعالجات القاصرة لقضايا السودان الكليةث واتباع طرق الحل بالقطاعى وهذا لن يؤدى لتخليص السودان من الازمات والمذالق ودائرة الخطر ، مهما يكن نرى ان الدولة هى مسئولة مسئولية مباشرة عن كل ما يحدث ولابد ان تستمع لمواطنيها واجراء حوار راقى معهم وايجاد نقاط تفاهم وتوافق وقواسم مشتركة وهذه طريقة مفيدة لحل الازمات وتجنيب البلد العنف والاختناقات والصراع المستمر، نعم هنالك مشاكل جدية وتعقيدات مختلفة بها جوانب آنية عاجلة لا تقبل التأجيل وبعضها مشاكل تحتاج لزمن كى تحل لكن فى كل الاحوال مطلوب من الدولة ان تحقق العدالة وتحفظ ارواح مواطنيها وفى نفس الوقت فرض هيبة الدولة وسيادة القانون امر ضرورى دون اللجوء للظلم او التعسف وعلى الدولة احترام تعهداتها الدولية وحماية الاجانب وممتلكاتهم على اراضيها اذا كانوا مصريين او اجانب يمرون عبر مصر الى السودان ، ومعلوم ان اى ازمة كانت سياسية او امنية او حصار او اغلاق او عصيان او اى شكل من اشكال عدم الاستقرار سيكون له تأثير مواعين الاقتصاد وحركة التجارة وهذه مسألة بديهية وهذا حدث فى شرق السودان وفى دارفور وحاليا فى شريان الشمال امر مفهوم ولا يمكن اخفاءه لذا الامر هو التراضى والتوافق والاستماع للاخر والحوار وتقيم مصلحة السودان فى حالة صفاء فكرى وحكمة ومراقبة نتائج كل تصرف سياسى او اجتماعى او امنى او غيره ليكون تقيم الامور اكثر دقة وحكمة
ماهى العقبات التى تواجه المرحلة الحالية ؟
العقبات التى تواجه المرحلة الحالية هى حالة التشرذم ومحاولة انفراد تيارات او مكونات محددة تريد ان تتسيد المشهد وتختزل قضايا الوطن فى نفسها وتدجين الاخرين ليكونوا توابع فى مدارها الاهليجى ومجالها الحيوى السياسى وهذه الشمولية المقيتة التى ارجعت السودان للوراء ووضعت امن وسيادة ووحدة السودان فى امتحان عسير ، فلا يمكن لاى عقلية احادية ان تقرر مصير السودان عسكرية كانت ام مدنية ولا مجال لتقسيم الشعب السودان الى اشرار وابرار او اطهار وانجاس او اى شكل من اشكال التخوين وشهادات حسن السير والسلوك وصكوك الغفران التى تمنح عند الحاجة كل ذلك لن يفيد ، ما لم يفهم الساسة وصانعى القرار ومن بيدهم مقاليد الامور ومفاتيح الحل والربط عليهم ان يدركوا ان السودان بلد متنوع ولابد ان تكون هنالك ادارة جيدة لهذا التنوع والتعدد بشفافية وحكمة وعدالة واحترام وفهم قضية السودان كلية وليست جزئية وان تقسيم الوجدان الوطنى سيكون له ارتدادات سيئة وجزينة على وحدة السودان وسلامة امنه واراضيه ومستقبله
وماهو المخرج فى تقديرك؟
المخرج المفضل للخروج منق الازمات السودانية وايجاد معالجات حكيمة هو اللجوء للحوار والمفاوضات السياسية والاعتراف بالاخر والادارة الجيدة للتنوع واحترام الاخر وانهاء الظلم والعقلية الابوية وتنفيذ اتفاقية جوبا للسلام واحترام الدولة لتعهداتها والمساواة بين المواطنين وتحقيق العدالة وانفاذ القانون القانون على الجميع والشفافية وتسخير ثروات السودان لخدمة السودان والمحاسبة والاهتمام بالشباب والانتاج ومعالجة الاختلالات الكلية فى مؤسسات الدولة والولاء للسودان اولا وفرض هيبة الدولة ومحاربة الفقر والجريمة والاهتمام بالتنمية البشرية والتنمية المستدامة بكافة نواحيها وكل هذه المحاور المدخل الرئيسى لها توفير بيئة ملائمة للحوار واجواء صحية للعمل السياسى واحترام الراى والراى الاخر ومكافحة العنصرية وخطاب الكراهية حتى يكون الحوار فى طاولة مستديرة مكتملا ومشجعا نحو التحول الديمقراطى الذى يمر بفترة انتقالية سلسة تراعى فيها مطلوبات التحول الديمقراطى والوصول الى انتخابات حرة ونزيهه وخلق دول المواطنة والدولة الدستورية المتراضى عليها والمتفق حولها .