أعتقد كل من تردد على ميدان اعتصام القيادة أبان أوج ثورة ١٩ ديسمبر ارتسمت في داخله تلك اللوحة والالحان العفوية من ضمنها عنواننا عاليه ” يا اخونا الشاااي .. الشاي بجاي .. شاي كوفتي كمان ” ثم سمعنا بأن الشاب الذي كان يردد هذا اللجن تم تكريمه .. ونحن أكتفينا بالاحساس النبيل بأن البلد ما زالت بخير ما دام فيها رأس مالية وطنية بهذا النقاء .. والأمر الذي عمق هذا الاحساس حشود الضعفاء والمساكين الذين يتجمهرون أمام عمارة كوفتي بشارع الجمهورية قبيل كل موسم شهر رمضان المعظم .. حيث قلت لعدد من الزملاء في أكثر من مناسبة لو وجدنا عشرة مؤسسات وطنية تفعل ما تفعلة شركة كوفتي لما وجدنا بيننا من بات جائع .. وخاصة بأن القائمين على أمر هذه الشركة يفعلون ذلك دون اعلام .. هذه الصورة الرائعة راسخة في ذهني حتى صباح هذا اليوم وقبلها كنت ارى دعاية هذه الشركة تكاد تبتسم للضعفاء والمساكين او كما أتخيل ..
صباح هذا اليوم وانا في طريقي لمكتبي اعترضني احد الزملاء وأصر علي بأن نذهب لمحكمة الخرطوم شمال الأمر الذي شجعني بأن طرفي القضية شركة كوفتي ضد شاب في مقتبل العمر مطالب بدفع ما يقارب “٣٠” تريلون نعم تريليون بالقديم شوفوا بالجديد كم براكم ، وفي مخيلتنا المبلغ متعلق بتصدير شاي او شئ من هذا القبيل حسب نشاط الشركة المعروف في الضوء ، عندما وصلنا المحكمة وجدنا أهالي المتهم ويدعى محمد صديق يسدوا عين الشمس وكان منظرهم مهيب ينبئ بأن المتهم عزيز قوم وذكروا بأن المتهم ظل دون تقديمه لمحاكمة لمدة شهرين الا بعد وقفت عشيرته هذه ..
دخلنا قاعة المحكمة التي أمتلأت عن بكرة أبيها وضعفي العدد ظل واقف بالخارج وكانت الجلسة خاصة باستجواب شاهد الاتهام وهو المدير المالي ل ” كوفتي ” ويدعى أسامة وبجانبه هيئة الاتهام ويمثل هيئة الدفاع الدكتور عادل عبدالغني وفريق مكتبه .. أحضر المتهم .. شاب ملتحي هادي الطبع كما يبدو ويكسوه الوقار ويبدو أنه في الثلاثين من العمر تزيد او تنقص قليلا .. استمرت الجلسة أكثر من اربعة ساعات .. تكشفت فيها الانشطة الحقيقية لشركة كوفتي وتفاصيل هذه القضية منذ بدايتها .. وحسب معايشتنا كصحفيين في هذه الجلسة وبما سرده شاهد الاتهام ..
.. اسمك اسامة … العمل المدير المالي لشركة كوفتي نشاطها الشاي ، السكر والمواد الغذائية مقرها الخرطوم ..
تعرف المتهم نعم منذ اربعة سنين سبب المعرفة يعمل معنا حيث يشتري لنا الذهب وحصائل الصادر من العملات الحرة .. موضوع القضية المتهم لم يخفق معنا الا في شهر مارس ٢٠٢١م المبلغ المطلوب منه حوالي ٧٧ مليون درهم اماراتي وواحد ألف كيلو ذهب أي طن ذهب .. شاهد الاتهام يواصل السرد عندما لم يوف في موعده ابلغنا الادارة وطلبت منا عمل ضمانات يوم ٤ ابريل ٢٠٢١م كتبناه اقرارات بالمبلغ يوم ٥ ابريل سلمنا ستة شيكات بتوقيعه شيكان للدرهم واربعة للذهب يوم ٨ ابربل تم القبض على المتهم .. المتهم بتعامل مع اكثر من عشرة اسماء اعمال او شركات بطلب مننا تحويل مبلغ في حساب أي من هذه الشركات ونحن نقوم بالتحويل بناءا على طلبه ..
حسب أسئلة ممثل الدفاع الدكتور عادل عبدالغني للشاهد بأن المتهم هذه المرة الاساسية والاولى التي اخفق فيها المتهم اي مارس الماضي وحسب العقد اذا المتهم اخفق من حق شركة كوفتي تتواصل مع هذه الشركات مباشرة المدير المالي يقول لم نفعل ذلك محامي الدفاع : انتم تتجارون بالعملة بدليل المبالغ حولت في بنوك خارجية .. المدير لا ابدا نحن نشتري حصائل صادر ، الدفاع : هل حصائل الصادر يتم شراءها بهذه الطريقة نعم المتهم بشتري من هذه الشركات لنا ونحن لا نعرفها .. الدفاع كيف لا تعرف هذه الشركات وانت تقوم بالتحويل لها ؟ الشاهد نقوم بالتحويل في الارقام فقط ..
الدفاع : هل المتهم لديه شركة ؟ الشاهد لا . هل المتهم له اسم عمل لا هل المتهم له مكتب لا هل تعرف للمتهم رقم حساب بنكي قبل كتابته لللشيكات الاخيرة لا ..
الدفاع : بعض الشركات التي يتعامل معها المتهم اختامها واوراقها المروسة في مكاتبكم .. الشاهد لا اعلم ..
الدفاع : هذا المستند يثبت بأنه تم تحويل مبلغ خمسة عشر مليون درهم لصالحكم في البنك الفلاني بالخليج مقابل ماذا ؟ الشاهد لا اعلم ..
الدفاع : اذن هذه تجارة عملة …
الدفاع : هل المتهم يتعامل مع شركات أخرى غيركم ؟ الشاهد نعم كثير مثل شركة محجوب أخوان والتيتل .
.. عاليه نموذج من هذه المحاكمة الشيقة التي ستتواصل في مقبل الايام ..
ويبدو أن الشاكي شركة كوفتي ستتحول لمتهم في عدة قضايا وستتضاءل امامها قضية المتهم محمد صديق … الذي يبدو أنه مرتاحا .. ويعلم بأن هذه القضية ستجر معها ” افيال وافيال ” اذا لم تحل خارج اروقة المحاكم وأعتقد هذا هو الحل الامثل لاطراف هذه القضية . .