الخرطوم / ترياق نيوز
“الخائنة الأميركية” أحدث أفلام آل باتشينو.. لم يحقق أكثر من 14 ألف دولار
الفيلم مقتبس من قصة حقيقية لممثلة أميركية تُدعى ميلدريد غيلارز، قامت بالدعاية للنازيين على الإذاعة الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، واشتهرت باسم “إكسس سالي”.
النقاد غاضبون من الإيقاع البطيء لفيلم الخائنة الأميركية
(مواقع التواصل الاجتماعي)
من الصعب التصديق أن فيلما من بطولة نجم الأوسكار المخضرم آل باتشينو لم يحقق إلا ما يزيد عن 14 ألف دولار من الإيرادات في افتتاحه، لكن هذا يكفي للدلالة على سوء حظ هذا العمل.
“الخائنة الأميركية: محاكمة إكسس سالي” (American Traitor: The Trial of Axis Sally) دراما تاريخية جمع فيها المخرج مايكل بولش بين آل باتشينو والنجمة ميدو ويليامز، وعُرضت في آخر يوم اثنين من شهر مايو/أيار الماضي، بالتزامن مع “يوم الذكرى الأميركي” (Memorial Day).
بعثرة القصة
بدأ الفيلم باعتقال ميلدريد غيلارز (ميدو ويليامز) في ألمانيا بعد الحرب، ثم تم تسليمها إلى واشنطن لتواجه 8 تهم بالخيانة والتآمر. وتقع قضيتها في طريق المحامي العتيد جيمس لافلين (الذي أدى آل باتشينو دوره بفظاظة)، ليخبرها أنها أكثر شخص مكروه في أميركا بعد هتلر.
ومع انتقال القضية إلى المحاكمة، “يتبدد زخم القصة وتتبعثر”، كما تقول نيل مينو، بتداخل الفيلم مع ذكريات من الماضي، تتخللها مشاهد من تجارب غيلارز أثناء الحرب وتفاصيل مسيرتها منذ أن كانت تعيش مغمورة في ألمانيا حين تولى النازيون السلطة، حتى عملها مع جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازي سيئ السمعة (قام بدوره توماس كريتشمان) في البث الإذاعي الذي يهدف إلى تقويض الروح المعنوية للقوات الأميركية.
حيث لقنها غوبلز أن “الكلمة المنطوقة هي أقوى سلاح في العالم”، فكانت توجه خطابها بصوت مغر ومليء بالتنهيدات النرجسية عبر الأثير، لتشجيع الجنود الأميركيين على الفرار من الحرب، وتخويفهم من تعرضهم للإصابة، ووقوع نسائهم وبناتهم في الغواية أثناء غيابهم في الحرب. ثم تظهر في وقت لاحق وهي تزور أسرى الحرب الأميركيين، لتنقل صورة عن معاملتهم، وتحضهم على توجيه رسائل بأنهم موضع رعاية جيدة.
ليبقى السؤال الأساسي في الفيلم هو إلى أي مدى تم التلاعب بغيلارز؟ وهل كان تصرفها بإرادتها الحرة؟ أم أنها كانت ضحية لعبة العصا والجزرة التي يجيدها غوبلز، الذي احتفظ بجواز سفرها حتى لا تتمكن من المغادرة، وأجبرها على التوقيع على تعهد الولاء، بعد أن اعتدى عليها بقسوة؟
البراءة من الخيانة
لأنها لا تزال على قيد الحياة، تصر غيلارز بغضب على أن يثبت لافلين براءتها، باعتبارها شهيدة للرأي العام وضحية لبعض الرجال المتوحشين من ذوي النفوذ، صائحة “لقد استغلوني طوال حياتي”.
فيرد بأن أفضل ما يمكنه فعله هو أن تحصل على محاكمة عادلة. ثم يستعين بشكل مفاجئ بمستشار عديم الخبرة هو بيلي أوين (سوين تيميل)، الذي يُفترض أنه ربما يكون نفس ويليام أوين الذي شارك في تأليف الكتاب الذي يستند إليه السيناريو، والذي “لا يخدم وجوده أي غرض سردي مرئي على الإطلاق باستثناء كونه رجلا مفتونا بسحر غيلارز”، كما تقول كيانغ، فقط يستغل أسلوبه العاطفي في التأثير عليها أثناء زيارتها، وإثارة مشاعرها، لتشارك المزيد من قصتها.
مع ملاحظة أن أوين كان هو الوحيد الذي ظهر نظيره الواقعي في اللقطات الأرشيفية الختامية، مما يشير إلى أنه الشخصية التي ربما يعتبرها الفيلم كانت الأكثر تعاطفا مع غيلارز في الحقيقة.
وعندما يقول القاضي لهيئة المحلفين “إن الخيانة هي الجريمة التي تلحق أكبر قدر من الضرر لأنها تهاجم دولة وليس فردا”. يواجه لافلين المحكمة بثلاث حجج لبراءة غيلارز من الخيانة.
أولها “أنها لم تكن المسؤولة عن هذه الدعاية، لكنها كانت مجرد شخص يقرأ من نص مكتوب من قبل آخرين بالإكراه”.
ثم إن “الدعاية التي كانت تبثها، لم تقوض الروح المعنوية، فلم يأخذ أحد كلامها على محمل الجد”.
بالإضافة إلى أنها لم تملك خيارا آخر، غير ما قاله لها جوبلز، بأن “أولئك الذين لم يرضخوا تم إرسالهم إلى معسكرات الاعتقال أو قتلوا”. فكيف نلومها إذا كان البديل هو السجن أو الإعدام؟
النقاد غاضبون
كثير من النقاد هاجموا الفيلم، فكتب غلين كيني المحرر الفني بصحيفة نيويورك تايمز (New York Times) “هذا فيلم ثقيل بطيء الإيقاع، وغير مثير، بشكل يشعل الغضب”.
أما جيسيكا كيانغ، الناقدة بموقع فارايتي (Variety)، فرغم أنها اعتبرت أن باتشينو “قدم إيقاعا دراميا قويا”، فإنها عبّرت عن استيائها الشديد من الفيلم الذي وصفته بالسخيف تماما.
وهو نفس رأي غاري غولدستين، المحرر بصحيفة وول ستريت جورنال (Wall Street Journal)، حيث يرى أن هناك نقطة مضيئة في الفيلم، تتمثل في أداء آل باتشينو بمكره وغضبه السريع، وتشنجاته اللاإرادية، ولكن “ليس هناك شيء آخر”.
كما اعتبرت نيل مينو، الناقدة بموقع روجر إيبرت (Roger Ebert)، أن المخرج مايكل بولش بدا أكثر اهتماما بمظهر الفيلم من قصته أو شخصياته، “حتى ظل يتأرجح ذهابا وإيابا، دون أن يتطرق إلى قضايا كالتورط والذنب والعدالة، التي كانت تحتاج إلى النظر فيها بعمق وبصيرة، أو حتى تعاطف”. فقط إضاءة مدهشة، ولقطات مؤطرة بدقة لتخلق صورا رائعة، لكنها ليست كافية لإحياء القصة.
وعلى مدى معظم الفيلم الذي استمر لمدة ساعة و49 دقيقة، أظهر وجه بطلته ميدو ويليامز القليل من التعبير، “كأنها امرأة ذات 400 قبعة وتعبير واحد”، على حد وصف جيسيكا كيانغ. وإن كان البعض يُرجع هذا لاختيار الشخصية، والنص المتثاقل، الذي شارك في كتابته البولندي فانس أوين بالمشاركة مع داريل هيكس.
لكنه في النهاية “مثّل عقبة أمام أي تواصل معها أثناء المشاهدة”، من وجهة نظر الناقدة نيل مينو.