الخرطوم _ ترياق نيوز
أعتلى منبر مسجد القبة اليوم وخطب بمناسبة الذكرى ٥١ لأحداث الجزيرة أبا وودنوباوي حفيد الامام الشهيد الامام الهادي المهدي دكتور الصادق الهادي المهدي مجترا الذكريات الأليمة .. معددا تفاصيل الاحداث وشخوصها ، وذاكرا بالحقائق والاسماء الذين ارتكبوا هذه الجريمة كل هذه التفاصيل في الخطاب أدناه :
في ذكرى الجزيرة أبا وودنوباوي د الصادق الهادي المهدي
ً
من المعروف أن جل حياة الإمام الهادي كانت بين الانصار في الجزيرة أبا، ولهذا ارتبطوا بها إرتباطا أسطوري
وعندما اختاره الامام الصديق المهدي عضوا بمجلس الشورى الخماسي الذي كونه لإدارة شئون الانصار بعد
وفاته ولحين اختيار الامام شوريا. كان ترحيب الانصار به فوق التصور. وعقب إختياره إماما للانصار ورئيسا
لحزب الأمة أستأنف الامام الهادي دور شقيقه الامام الصديق في معارضة نظام عبود. وتمكن عبر الضغط
السياسي من إطلاق سراح قادة حزب الامة والحزب الاتحادي من سجن الرجاف الذي أودعهم فيه نظام الفريق عبود.
وهو ما فتح الطريق للعمل السلمي وقيام ثورة أكتوبر 1964م. عندها صار بيت الأمة في قبة الامام
المهدي مقر العمل السياسي لتشكيل حكومة إنتقالية. حيث كون حزب الامة والقوى السياسية المختلفة وفدا لمفاوضة الفريق إبراهيم عبود بالقصر الجمهوري، واللواء الطاهر عبدالرحمن بالقيادة العامة للجيش، و الاتفاق على
حكومة السيد سر الختم الخليفه.
خلال الفترة الانتقالية بذلت الحكومة جهدا كبيرا مع الجنوبين لعقد مؤتمر المائدة المستديرة ومن ثم
لجنة الأثني عشر التي مثل حزب الأمة فيها السيد محمد داود الخليفه.
صحيح أن الديمقراطية التي أعقبت أكتوبر لم تستقر على حال ولكن لم يكن ثمة مبرر لتدبير الشيوعين والقوى الخارجية التي ساندتهم، تدبير إنقلاب يساري دموي. وفي كل حال قام الانقلاب في مايو 1969م. وعارضه الامام الهادي وأغلبية القوى السياسية ما عدا الشيوعيين وحلفاءهم من الجهات الخارجية. اتفقت الجبهة الوطنية
بالجزيرة أبا على معارضة النظام الشيوعي الاحمر بتقديم خمس مطالب وهي:
1 -عودة الجيش لثكناته
2 -عودة الديمقراطية والتعددية وابعاد الواجهة الشيوعية
3 -إطالق سراح المعتقلين السياسين وعلى رأسهم السيد الصادق المهدي
4 -الانفكاك من تدابير الاتفاقات الأجنبية وتدخلها في شئون السودان
5 -عودة الدستور الاسلامي وإستفتاء الشعب عليه
وكان رد الانقلابين تصعيد خطابهم العدائي فملأوا أثير الاذاعات بالكراهية والافتراءات والكذب. ثم خرجت كتائب الشيوعيين وحلفائهم تحتفل بميلاد لينين وتردد هتافات ضد الاسلام وترفع رايات ضد الانصار وتنشد قصائد
تنادي بالذبح والاستباحة وشق الأعداء بالعرض والطول.
و فى يوم 8/6/1969م أرسل السيد الامام الهادي الحبيب خالد محمد ابراهيم الى كوستى لاستدعاء اللجنة
التنفيذية لحزب الأمة بكوستى و عند حضورهم نور الامام الهادي أعضاء الحزب وتداول معهم في توجهات
الانقلابين وتبادلوا الرأي و أجمعوا على أن هناك تدبير مسبق على قتل الأنصار. و عاهدو ا إمامهم على الدفاع عن مطالب الحزب والانصار وخاصة الدفاع عن العقيدة الاسلامية و الوقوف بصلابة إن شاء الله تندرج في
صلب رجال كرري. على أثر ذلك اللقاء تكونت أول خلية سرية ل بلورة موقف سياسي حاسم وضمت الخلية
أغلبية أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الأمة بكوستى بالاضافة الى خالد محمد ابراهيم ومحمد عثمان صالح
وعثمان جاد الله النذير وعبدالله محمد أحمد.
حيث شعر تيار بين الانقلابين بأن مواجهة الانصار لن تكن نزهة و ستكون مواجهة شعبية مع حكم إنقلابي تنقصه الشرعية . ولهذا تم ارسال وسطاء للامام الهادى الذي رحب باللواء م أحمد عبد الوهاب والسيد زياده أرباب
والسيد نور الدين الشنقيطى. وكان رد الامام الهادي للوسطاء غاية في البساطة و السلمية. يا أحباب أخبروا
النميري بمطالبنا الخمس لأننا نرفض أن تكون في السودان حكومة حزبية و شيوعية. لم يقبل الجناح الشيوعي أي عرض. و فى أول يوم من شهر رمضان المعظم الذي يوافق شهر نوفمبر 1969م بعث الانقلابيون عضوا
مجلس الثورة فاروق حمدالله وزير الداخلية وابو القاسم محمد ابراهيم وزير الحكومات المحلية ومعهم العقيد يوسف احمد يوسف وهؤلاء هم من تولى كبر المجازر. اجتمعوا بالامام الهادى في الجزيرة أبا وأظهروا تفكير غريب وفطير وهو إنشاء نقطة بوليس لحفظ الامن في الجزيرة أبا وقد أوضح لهم الامام الهادي وعمدة الجزيرة
أبا أن األنصار في الجزيرة أبا ظلوا يحفظون الأمن منذ القرن الماضي وإذا كان الأمر محصور في ذلك فقد
تعهد عمدة الجزيرة أبا بأنه سيكون مسئوال أمامهم إذا تم خرق الأمن في الجزيرة وشدد بأنه لا حاجة لنقطة
بوليس.
ومن جهة نشط الاحباب الانصار في الخرطوم وأم درمان وخاصة من مسجد الامام عبد الرحمن بود نوباوي.
وظلت رسائل شباب الانصار تصل للامام الهادي وخاصة من عثمان عبد القادر عبد اللطيف و من الضابط
مامون شرفى، كما سجل اتحاد طالب جامعة الخرطوم زيارة للجزيرة أبا شملت من حزب الأمة : الحبيب
الصادق بله والشهيد عباس برشم، والأحباب مكى يوسف، عبدالرسول النور، الزهاو
ى ابراهيم مالك ومحمد آدم أحمد سعيد، ومن الأخوان المسلمين الدكتور قطبى المهدى والدكتور حامد محمد اسماعيل ، وعندما اجتمع بهم
الامام الهادي أكد على المعارضة السلمية وعلى مطالب الجبهة الوطنية وعودة الديمقراطية.
في يوم الجمعة الموافق 20/3/1970م صعد الحبيب الامام الهادى منبر مسجد الكون بالجزيرة أبا واستعرض فى الجزء الثاني من خطبته الاخبار التي بثتها أجهزة النظام الانقلابي بشأن زيارة النميرى للجزيرة أبا. وقال
الامام الهادي إن الانصار لا يرحبون بهذه الزيارة للجزيرة أبا ، أقلها قبل الوفاء بمطالب المعارضة. وما أن سمع
الحزب الشيوعي وممثليه بمجلس الثورة ورئيس الوزراء بابكر عوض الله حتى أعلنوا بأن الزيارة ستتم وسيتم ضرب الرجعية بيد من حديد.
وهكذا أتبع قادة الانقلاب الخطاب العدائي باستفزاز عملي وتــنمـــر شامل على الانصار. فركب وفد الانقلاب
باخرة نيليلة في صباح يوم 23 مارس 1970م في وفد شمل قائد الانقلاب جعفر نميري ومرتضى أحمد إبراهيم
ووزير الري ومامون عوض أبو زيد عضو مجلس قيادة الثورة و الشيخ الامين محمد الامين رئيس اتحاد مزراعى
الجزيرة والمناقل وحامد شاكر رئيس اتحاد العمال وشيخ الخير ونفيسة أحمد الامين ووهيبة محمد الحسن وابناء الكوة مثل منصور محجوب وزير الخزانة وعمر الحاج موسى وزير الارشاد ، و اتجه نميرى ومرافقوه من جبل أولياء الى قرى النيل األبيض وتوقفوا في كل قرية بدت لهم ، ووصلوا الكوة يوم الاربعاء 25/3/1970 م.
وعلى طول الطريق وخاصة فى أم جر وكوستى والدويم ظل النميري يهاجم و يوزع الشتائم ضد ما أسماه الرجعية
والطائفية. وردد معه كارهي الانصار من الماركسين خطاباته و الهتاف ضد الرجعية. ومن يعود لأرشيف
صحف هذا الاسبوع سيدهشه حجم الكذب وإختلاق الحوادث و ملأ الفضاء بها فضلا عن تسويد صفحات
الصحف. كانت هذه الزيارة ترجمة عملية لمخطط الحزب الشيوعي، وما استفزاز الانصار إلا مدخل لجرهم
لمعركة تتم فيها إبادتهم وإغتيال إمامهم . كما وضح من خطاب عبد الخالق محجوب الذي نشره إثر ضرب
الجزيرة أبا ونشره الشيوعي مصطفى المكي. أدرك الانصار و إمامهم حجم المخطط و لهذا تمسكوا ا
ًدائما بالسلمية .
ومقاطعة رحلة النميري للنيل األبيض وإسماعه الهتافات . وفي الحقيقه أجبرت الهاتفات النميري على إنهاء رحلته
ً فعاد إلى الخرطوم. و يبدو أنه من خلال هذه الرحلة النيلية رأى بأم عينه نهاية حكمه في جباه
مكرها
الانصار و في مواقف أبنائهم. رأى ما حدث فيما بعد عبر سلسلة المنازلات البطولية التي نعرف منها إنتفاضة
2 يوليو 1976م، و إنتفاضة ابريل 1985م التي قادها طلاب الانصار من جامعة أم درمان الاسلامية .
عاد السفاح نميري للخرطوم ووجد قرار الشيوعيون وحليفهم رئيس الوزراء بابكر عوض الله جاهز، وهو تكليف
عضو مجلس الثورة الرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر المكلف برئاسة هيئة الأركان بالانابة لارسال
قوة من الخرطوم لاعتقال الامام الهادى قبل الساعة السابعة صباح يوم الخميس 26/3/1970 م . وتم ذلك
وتبعه اجتماع فى نفس اليوم بالقيادة العامة تم ف يه تعيين أحمد محمد أبو الدهب ليكون قائدا للقوة المهاجمة
الى الجزيرة أبا . وصلت القوة الغازية الجزيرة أبا يوم الخميس 26/3/1970 م وكانت الخطة تقضى بان تقوم
سرية من المظلات بقيادة النقيب سيد أحمد عبدالرحيم بتطويق سكن الامام الهادي وتنتظر بقية القوة بميدان
الصالة ويتم مخاطبة الامام الهادي ليستسلم وإذا لم يفعل وهو المتوقع يتم اقتحام المنزل واعتقال الامام الهادي .
وتصفية كل من يقاوم. ولكن القوة تفاجأت بأهالي الجزيرة أبا يقطعون عليها الجسر الترابي الذي يربط البر
بالجزيرة أبا، فلم تستطع العربات المدرعة والدبابات أبو الدهب الوصول إلى هدفها. لهذا تذاكى أحمد أبو
الدهب قائد القوة الغازية، ورفع
ً
علما ابيض، وقال لمسئول شئون الانصار الحبيب خالد محمد إبراهيم بأنه جاء
يحمل رسالة من قيادة الثورة للامام الهادي ويرغب في الجلوس معه. وافق الامام الهادي على الفور ودار نقاش
تم تو ثيق محضره ثم حمل الامام الهادي في نهايته ذات مطالب الجبهة الوطنية المعارضة لقيادة الانقلاب .
و عاد أبو الدهب إلى الخرطوم. و تأكيدأ للسلمية، رفض الامام الهادي اقتراح مجموعة من الاخوان المسلمين
بأسر تلك المجموعة، تحت مبرر أنهم من الجيش السوداني ولم يأتوا للتفاوض. رد عليهم الامام الهادي بأن أي مسئول من سالمتهم كمسئوليتي من سالمتهم جميعا.
الله يعلم بالسرائر وشخصً
عاد أبو الدهب وقدم تقريره فاجتمعت العصابة صبيحة الجمعة 27/3/1970 م و أصدر النميرى قرار عين
بموجبه القاتل أبو القاسم محمد ابراهيم قائدا على القوة المرابطة حول الجزيرة أبا والتى تجمعت ظهر السبت
28/3/1970 م وتكونت القوة من عقيد وأربعة مقدمين و ستة رواد وثالثة نقباء ومجموعة من الملازمين وأربعة
ضباط طيارين إضافة إلى ثالث سريات تم تعزيزها ب سرية من القيادة الوسطى.
و في يوم الجمعة أعتلى الامام الهادي المنبر وأشار إلى مقابلته للعقيد أبو الدهب. فمنح الانقلابين حسن الظن
و حق الشك لعلهم يجنحون للسلم فإن فعلوا فإنه حريص على أن لا يسفك أي دم. ولكن جاء رد الانقلابين قصًفا بري و جوي ومدفعي و استهدف أول ما استهدف بيت الامام الهادي نفسه ثم استهدف كل أسرة بالجزيرة أبا. وقد خرجت الاسر من المنازل وتوزع الابرياء على الجنائن والمزارع ووصل الاطفال وكنت منهم لمقابر سيدي الطيب. و لكن القصف استمر أربعة أيام بلياليها ونهارها و سقط في المجزرة ما لا يقل عن ألف شهيد وشهيدة.
وفي ود نوباوي خرج الأنصار بعد صلاة الفجر من مسجد الامام عبد الرحمن في مظاهرة نددت بالقصف
والقتل والسحل. وعندما شارفوا كبرى النيل األبيض تم تفريق المظاهرة. وعاد طالب الخلوة لمسجد الامام عبدالرحمن ومعهم بعض المرابطين. فأنهال عليهم الرصاص وقاذفات اللهب التي هدمت مآذنة المسجد وقتل الاطفال وهم يتلون آيات الله .
و في أثناء قصف أبا اجتمع مجلس شورى الانصار في اليوم الرابع للمجزرة بدعوة من الامام الهادي المهدي
وذلك في ليلة الاثنين 30 -3 -1970م ، وهذا المجلس مكون من ثالثين
ً
عضوا ويترأسه الحبيب عباس محمد
عمر وينوب عنه أبو على عيسى ونسبة للظرف الحربي وظروف الجرحى اجتمع اربعة عشر من الاعضاء
فتداول معهم الامام الهادى فيما يجري. وفضلوا بالاجماع أن يخرج الامام الهادي إلى خارج الجزيرة أبا. عندها
أشار عليهم الامام الهادي في حال خروجه أن يلتزموا فى غيابه بتوجيهات الحبيب خالد محمد ابراهيم. و فهمنا
فيما بعد أن الامام أسر ل لحبيب خالد محمد إبراهيم بأنه يفضل أن يهاجر إلى اثيوبيا صباح اليوم التالي، وكلفه
بتسليم الجزيرة بعد خروجه حقنا للدماء. و بالفعل خرج الامام الهادي ووفده صباح الثلاثاء 31/3/1970 م
بصحبة الاحباب العمدة عمر مصطفى، محمد محمد صالح الكارورى، عز الدين الشيخ، و الفاضل الامام
الهادى المهدى ومحمد أحمد مصطفى،عباس أحمد عمر ،عبد المطلب بابكر ، سيف الدين الناجى سائق
العربة ومحمد على يونس.
وفي ظهر يوم الثلاثاء وصلت هذه المجموعة إلى مناطق الكرمك السودانية. و لكن يبدو أن عربتهم رصدت
بواسطة أحد مراقبى مبانى مجلس الكرمك فأخبر الضابط المسئول واسمه مختار طلحة وتحرك نحو ركب الامام
الهادي. وكانوا يسيرون على الاقدام بعد أن رجعت العربة التى كانت تقلهم. فانقسمت المجموعة لفرقتين.
وقامت القوة الحكومية باحاطة أربعة من المجموعة والقاء القبض على كل من : محمد محمد صالح الكارورى
و عز الدين الشيخ و عبد المطلب بابكر خوجلى ومحمد يونس وتم تقيد أيديهم بالاحزمة. وتم تنبيه الضابط
طلحة لوجود عدد آخر وتمكن من اللحاق بهم ووجدهم في ظل شجرة وأمرهم بالوقوف وعندما لم يفعلوا قام
مختار طلحة بإطلاق النار على الامام الهادي فى فخذه وحاول الفاضل الهادى المهدى أن يقاوم ولكن الضابط
والجنود ثبتوه بالقوة. وحاول الحبيب سيف الدين الناجي ربط مكان الدم لمنع النزيف ولكن أطلقت عليه النار
فاستشهد ثم تم إغتيال العمدة محمد أحمد مصطفى. ونجى من القتل الفاضل الهادى المهدي وعمر مصطفى
حسن و عباس أحمد عمر.
وفي محكمة الجزيرة أبا التي عقدت بعد الانتفاضة في عام 1986م قال الضابط المسئول أنه ذهب إلى الكرمك
لابلاغ الرئاسة لارسال قوة اضافية وعندما حضر الصول لاحضار جميع المعتقلين أحيط علما بوفاة السيد
الامام الهادي متأثرا بجراحه وأن سيف الدين الناجى رفض القيام من عند رأس السيد الامام الهادي فتم قتله
وقتل محمد أحمد مصطفى رميا بالرصاص فيما بعد بالقرب من باو . وهكذا أجهزت العصابة المايوية على
ضحاياهم من الابرياء فاستشهدوا جميعا عليهم رضوان الله ومات أغلبية القتلة أما بأن جعل الله كيدهم في
نحرهم أو ماتوا يطاردهم تاريخهم الاسود.
أن دم الشهداء لن يذهب هدرا ولم يذهب هدرا وإحياء ذلك عن الوفاء لادوارهم وعرفانا بعطائهم فالسلام
َ عليهم في الخالدين وسلام عليهم يوم يبعثون أحياء. قال الامام السعدي في تفسير قوله)ً
( قال هذه الايات الكريمة فيها فضيلة الشهداء وكرامتهم، وسلام
مَّن الله عليهم به من فضله وإحسانه، وفي ضمنها تسلية الاحياء عن قتالهم وتعزيتهم، وتنشيطهم للقتال في سبيل الله التعرض للشهادة، فقال } :ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله { أي: في جهاد أعداء الدين، قاصدين
بذلك إعلاء كلمة الله } أي: لا يخطر ببالك وحسبانك أنهم ماتوا وفقدوا، وذهبت عنهم لذة الحياة الدنيا
والتمتع بزهرتها، الذي يحذر من فواته، من جبن عن القتال، وزهد في الشهادة قد حصل لهم أعظم مما يتنافس
فيه المتنافسون. فهم أحياء عند ربهم { في دار كرامته. ولفظ :عند ربهم يقتضي علو درجتهم، وقربهم من
ربهم، يرزقون من أنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه، الا أنن أنعم به عليهم.