X
    Categories: اخبار

حمدوك يفتح القضايا المسكوت عنها مع مصر ومن ضمنها قضية “حلايب وشلاتين”

الخرطوم / ترياق نيوز

بعد ما يقرب من 9 سنوات من تباين المواقف المصرية السودانية في العديد من الملفات خاصة سد النهضة، ما سمح لإثيوبيا بمواصلة بناء السد وحجز المياه من دون التوصل لاتفاق يأمن حقوق البلدين، اجبر التعنت الإثيوبي ومخاوف البلدين من عملية الملء الثاني لخزان السد الذي تنوي أديس بابا البدء فيها تموز/يوليو المقبل إلى مراجعة مواقفهما والعمل على تنسيق موقف موحد لمواجهة الأزمة.

وظهر تقارب البلدين في المواقف من خلال زيارات متبادلة على مدار الأيام الماضية، فلم تكد تنتهي زيارة وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق إلى القاهرة، حتى حل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضيفا على الخرطوم، قبل أن يتوجه رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إلى القاهرة في زيارة استغرقت يومين.
ملفات عديدة باتت محل توافق بين البلدين، ظهرت في البيان المشترك الذي أصدرته رئاسة الوزراء في البلدين عقب زيارة حمدوك أمس الأول الجمعة.
جاء في مقدمة هذه الملفات سد النهضة، حيث أعلنت القاهرة والخرطوم، أهمية التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي بما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحد من أضرار هذا المشروع على دولتي المصب، كما أكد البلدان على أن لديهما إرادة سياسية ورغبة جادة لتحقيق هذا الهدف في أقرب فرصة ممكنة، كما طالبا إثيوبيا بإبداء حسن النية والانخراط في عملية تفاوضية فعالة من أجل التوصل لهذا الاتفاق.
ورحب البلدان بتولي جمهورية الكونغو الديمقراطية قيادة هذه المفاوضات. وأكدت مصر تأييدها لمقترح السودان حول تطوير آلية التفاوض التي يرعاها الاتحاد الأفريقي من خلال تشكيل رباعية دولية تقودها وتسيرها جمهورية الكونغو الديمقراطية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي وتشمل كلا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوسط في المفاوضات. كذلك رحب البلدان بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة لدعم مبادرة الوساطة الرباعية ويتطلعان لموافقة إثيوبيا على هذه الصيغة لإخراج المفاوضات من المأزق الراهن.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الموقف المصري الثابت بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد قبل موسم الأمطار المقبل، وذلك لحفظ حقوق دول المصب المائية والاستقرار الإقليمي، مشيراً إلى دعم مصر للمقترح السوداني بتشكيل رباعية دولية تحت رئاسة الاتحاد الأفريقي للتوسط في تلك القضية.
جاء ذلك في اتصال هاتفي مع الرئيس فيليكس تشيسيكيدي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أن الرئيس تشيسيكيدي ثمن السعي المصري الصادق والحثيث للوصول إلى حل متوازن لقضية سد النهضة يراعي مصلحة كافة الأطراف.

الملاحة البحرية

ملفات أخرى كانت على طاولة مباحثات الطرفين – بحسب البيان المشترك، منها التزامهما بدفع سبل التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وخاصة فيما يتعلق بنقل التجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي، وتدريب الكوادر السودانية، والمضي قدما في تنفيذ مشروعي الربط الكهربائي ورفع القدرات إلى 240 ميغاوات خلال الصيف القادم وربط السكك الحديدية وتقوية النقل البري والبحري والنهري والجوي من خلال إعادة هيكلة هيئة وادي النيل للملاحة النهرية، ورفع قدرتها التنافسية وتطوير أسطولها وتفعيل اللجنة الفنية الدائمة السودانية المصرية المشتركة وكذلك تطوير التعاون في مجالات الملاحة البحرية والاستفادة من موانئ البلدين على البحر الأحمر، وتحديث الخدمات المرتبطة بالنقل البري، إضافة إلى تطوير التعاون في مجال الاستثمار وتوفير المناخ المواتي لإقامة المشروعات الاستثمارية المشتركة سواء الصناعية أو الزراعية، وتعظيم آليات التعاون في مجالات التعليم العالي، والبحث العلمي، والغاز، والزراعة والثروة الحيوانية والأمن الغذائي، فضلا عن تفعيل اللجنة الفنية الدائمة السودانية المصرية المشتركة، بالإضافة للعمل على عقد اللجنة التجارية المشتركة في أقرب فرصة وبحث سبل تنشيط التعاون في مجال المشروعات المتوسطة والصغيرة خاصة الصناعات الغذائية التحويلية بالإضافة إلى صناعة اللحوم وإنشاء المحاجر والاتفاق على تبادل زيارات رجال الأعمال من البلدين، والانتهاء من ترفيق المنطقة المخصصة لإنشاء منطقة صناعية مصرية في السودان، وتفعيل مذكرات التفاهم والبروتوكولات المبرمة بين البلدين ومناقشة المشروعات المشتركة بهدف متابعة الخطة الزمنية الخاصة بتنفيذها أو استكمال القائم منها.
كما تم استعراض التعاون في مجال الصحة بين البلدين، حيث أعرب الجانب السوداني عن شكره وتقديره للجانب المصري على المساعدات المصرية المقدمة لمواجهة جائحة كورونا، والقوافل الطبية المصرية التي تم إرسالها في مجال مكافحة الأمراض وإغاثة منكوبي السيول والفيضانات، والجهود المصرية للمساهمة في علاج مصابي ثورة ديسمبر المجيدة.

مثلث حلايب وشلاتين

التقارب المصري السوداني لم يمنع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك من التأكيد على ضرورة الحديث عن المسكوت عنه في العلاقات بين البلدين.

3 قضايا رئيسية تناولها حمدوك خلال لقائه بخبراء أكاديميين وباحثين في ندوة نظمها مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية في العاصمة المصرية القاهرة، على هامش زيارته.

القضايا الرئيسية التي حملت عنوان المسكوت عنه طبقا لتوصيف حمدوك، تضمنت قضية الخلاف حول مثلث حلايب وشلاتين والصورة النمطية لدى الشعبين عن بعضهما والتصورك المشترك للتاريخ.
وقال حمدوك: «إن أول أمر يتعلق بالصورة النمطية لدى الشعبين عن بعضهما البعض والنظرة العنصرية من قبل بعض المصريين للسودانيين».

وأضاف، أنه يزور مصر بصفة دائمة ومستمرة منذ أكثر من 20 عاما، وإنه كان يغضب في البداية من تعليقات المصريين على اللون وترديدهم كلمات من نوعية يا أسمراني.
وتابع: «الأمر الثاني المسكوت عنه يتعلق بالتصور المشترك للتاريخ، مؤكدا أن المشتركات والمشاعر التي تجمع الشعبين أكثر بكثير من هذه الأمور.
ودعا حمدوك إلى فتح ملف مثلث حلايب وشلاتين مع مصر من أجل التفاهم حوله.

وأضاف أن التاريخ والمصير المشترك للشعبين السوداني والمصري يمكنه خلق منارة للعالمين الأفريقي والعربي.
ولفت إلى رؤية حكومة الفترة الانتقالية بالسودان للدفع بعملية الانتقال من خلال الإصلاح الاقتصادي، وهيكلة الأجهزة الأمنية، وبناء علاقات خارجية متوازنة.

وحول العلاقة مع مصر، ذكر أنها يجب أن تبنى على قضايا استراتيجية وشراكات حقيقية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتابع: الشعب المصري والسوادني شعب واحد في دولتين، تجمعهم الأواصر والتاريخ المشترك والأهم من ذلك المصير المشترك، مؤكداً أن من الممكن للسودان ومصر أن يشكلا معا منارة للمنطقة والإقليم خاصة أن مصر لديها الآن توجه تنموى ناهض، والسودان المحاط بدول مغلقة يمكن أن يستفيد من هذا النموذج.

وأوضح حمدوك أن الثورة السودانية تغيير نوعي ساهمت فيه لأول مرة كل قطاعات الشعب السوداني، مشيرًا إلى أن عملية الانتقال بها تعقيدات كثيرة جدًا إذا قورنت بما حدث في ثورتي تشرين الأول/أكتوبر 64 ونيسان/أبريل 85.

وأكد أن الحكومة الحالية ذات تمثيل عريض ولديها عدة أولويات هي الاقتصاد، واستكمال السلام، وإصلاح علاقات السودان الخارجية، ومعالجة قضايا الانتقال من إنشاء المفوضيات وقيام المؤتمر القومي وإجراء الانتخابات وغيرها، موضحاً أن هذه الأولويات تركز على الرؤية قصيرة الأمد، ولكنها أيضا تبنى على رؤية طويلة الأمد.

ويطل مثلث حلايب على ساحل البحر الأحمر على الحدود المصرية السودانية، بمساحة نحو 20.5 ألف كيلومتر مربع، ويضم ثلاث مناطق هي حلايب وشلاتين وأبو رماد.
ورغم خلاف البلدين على هذا المثلث منذ استقلال السودان عام 1956 بقي مفتوحا أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود حتى 1995.

ومنذ نحو 10 سنوات، تخوض مصر وإثيوبيا والسودان مفاوضات متعثرة حول «سد النهضة».
وتصر أديس أبابا على ملء السد حتى لو من دون التوصل إلى اتفاق بشأنه مع القاهرة والخرطوم، فيما يصر البلدان الآخران على ضرورة التوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي، لضمان عدم تأثر حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.