الخرطوم .. ترياق نيوز
لكي أختزل الحقائق في أطر محددة أدلف إلى صميم الموضوع منذ الوهلة الأولى حيث استعير حقيقة مهمة كتوطنة للعنوان والذي يبحث في توضيح ما هو مثبت أساسا ولكنه غائب عن الوعي الحاضر، وفي محاولة الإضاءة والتعضيد أرتكز على أن كل علماء الأنثربولوجيا يدركون أن الفراعنة هم من أصول نوبية فما لا يعرفه الكثيرون أن الحضارة النوبية في جنوب وادي النيل (السودان حاليا) أقدم من مثيلاتها في شمال الوادي (مصر الآن) بنحو 3 ألاف سنة وأنه يوجد بالسودان 243 هرما وهو ضعف مما هو عليه في شمال الوادي، كما وأن كل التماثيل الموجودة للفراعنة في مصر سوداء وهذا يدعو للتساؤل و الإستفهام، وهذا السواد نوبي السحنة رغم الإجتهاد في تعديل الأنوف وما يعضد كلامي وصف المؤرخ الإغريقي هيرودث بوصفه للمصريين في كتب التاريخ بالسود أيضا!! كما وأن من الحقائق وجود قطع أثرية يرجع تاريخها إلى 8 ألف سنة في السودان وهذا ليس مجرد زعم بل واقع ملموس وعلى المتشككين أن يبحثوا عنه قبل محاولة تغويض ذلك، كما أنه للآلهة في ذاك الزمان مقر يوجد في كرمه وهي مدينة تقع ضمن حدود ولايات السودان الشمالية وما يثبت صدق مزعمي أن الآلهة المصرية تتجه جنوبا وهي حقيقة ماثلة للعيان إلى يومنا هذا.
ولتدعيم هذا النص الحقائقي لكونه غرائبيا في ذهنيات الكثيرين أرجو من القراء متابعة الكاتب المصري الذي لا يشكك في حصيلته المعرفية وإنتمائاته الوجدانية أحد، “ليس هناك ما يسمى حضارة مصرية، فهي حضارة نوبية” والكلام هنا لأنيس منصور وإن كان بعض الملوك الأقباط قد حكموا مصر، ويكفي أن أكبر توسع للمملكة الفرعونية كان في الأسرة ال26 ملوك كرمة بعنخي وتهراقا وكاشتا). نرجو من الجميع الرجوع إلى كتب التاريخ والافلام الوثائقية.
إن الحقيقة التي تجهلها الشعوب وربما شعب وادي النيل نفسه هو أن ملوك النوبة في شمال السودان حكموا المصريين لعدة قرون وأن الحضارة النوبية هي أول حضارة قامت على وجه الارض وأعرق حضارة شهدها التاريخ. في مدينة كرمة حاضرة النيل وعاصمة أول مملكة في العالم كما أكد عالم الآثار السويسري المعروف في القارة الأوربية شارلي بونيه هذه الحقيقة أمام أعين كاميرا التلفزيون السويسري الذي نقل جزء كبير من بقايا الحضارة السودانية وكان ذلك في يونيو 2005. حيث تحدث شارلي بونيه عن حضارة ومدينة كرمة وبدأ عليه كثرة الفخر والإعزاز بهذه الحضارة التي اصبح هو جزء منها حيث مكث في السودان أربعين عاما حيث بدأت رحلة شارلي بونيه عندما قدم إلى مصر بعد أن درس علم الآثار في سويسرا ولكن من خلال بحوثه في مصر وجد أن هناك حلقة غائبة في تاريخ الحضارة الفرعونية وأن هناك مرحلة مهمة من مراحل تلك الحضارة مفقودة. ذهب إلى شمال السودان وبدأ يبحث عن أصل الحضارة الفرعونية التي طلت الدنيا وبعد سنوات طويلة من الصبر والعمل المتواصل توصل شارلي بونيه إلى الحقيقة الغائبة وهي ان أصل الحضارة الفرعونية في السودان وأن فراعنة السودان هم الذين حكموا مصر حتى اسرائيل-فلسطين.تحدث شارلي بونيه عن تلك الحضارة التي مر عليها اكثر من 300 الف سنة وأكد أن الحضارة الفرعونية في مصر أتت بعد الحضارة النوبية في السودان وأن ملوك النوبة (الفراعنة السود) هم الذين نشروا تلك الحضارة من خلال حكمهم لمصر والذي إمتد حتى اسرائيل-فلسطين واستمر قرابة الـ2500 سنة ولكن عندما إستجمعت مصر قواها وعافيتها في زمن الفرعون نارمر (narmer) وهو أول من أسس أسرة الفراعنة التي حكمت مصر بدأ الفراعنة يفكرون في إجتياح ملوك النوبة في السودان وبعد قرون من الزمان حكم مصر الفرعون بسماتيك (psammetique) وسيطر على منطقة النوبة ودخل مدينة كرمة ودمر حضارة الفراعنة السود وهدم القلاع والمعابد وتماثيل الفراعنة السود وكان ذلك في عام 664 قبل الميلاد وقام شارلي بونيه بعرض تلفزيوني بثه التلفزيون السويسري بالغة الفرنسية لتلك التماثيل التي دمرها المصريون والقلاع والمباني الشاهقة التي كانت اعلى مباني في المنطقة بل وعلى مستوى العالم أنذاك, وكان إرتفاعها حوالي 20 متر مما يؤكد على أن حضارة كرمة كانت اول حضارة في العالم وكانت تسمى تلك المباني العالمية في لغة النوبة بـ (deffufa).
كوش كانت أقدم حضارات وادي النيل وفي العالم.. يقال ان المصريين القدماء كانوا يطلقون علي ما يعرف بارض السودان اليوم ارض الأرواح وارض الله وقد فسر البعض ذلك بكثرة خيراته كما وان هوميروس ذكر (أن الآلهة يجتمعون في السودان في عيدهم السنوي) وذكر ديودورس (أن السودانيين أول الخلق علي وجه البصيرة وأنهم أول من عبد الآلهة وقدم القرابين وأنهم من علم المصريين) كانت ارض السودان مهد الديانات, أرض السودان كانت مهدا للعلوم وكانت مهدا للبشرية.
كوش كما في الكتاب المقدس: في التوراة (Old Testament) كوش هوالابن الأكبر لحام ابن نوح وهو اب النوبيين واخ لمصرايم أبو المصريين، واخ لكنعان، وذكر اسمه في قائمة الأمم وفى سفر التكوين 10:6 وفى سجلات الكتاب المقدس 1:8 وتنسب اليه المملكة الكوشية, والكوشيين الشعب الأسمر البشرة الذي يستوطن ضفاف نهر جيحون ولديه تاريخ قديم ومتداخل مع شعوب شمال شبه الجزيرة العربية واليمن وإثيوبيا وجنوب الصحراء ومنابع النيل. ووفقاً لسفر التكوين فأن لدى كوش المزيد من الأبناء، وقد كانت زوجة نبى الله موسى كوشية وتدعى صفورة وفق كتاب الأعداد وهو الكتاب الرابع من اصل خمس كتب تشكل التوراة، وقد وصفت صفورة لموسى واقع النوبيين وتفاصيل حياتهم. اما في الإنجيل (New Testament) فأن كوش زوجته قرنابيل وابنائه: حويله أو هافيله, رماح, نمرود, سبا, سبا, سبتيكه. كما تعرف كوش بأنها مساحة كبيرة من الأرض تشمل شمال السودان, جنوب مصر, أثيوبيا والصومال.
ختاما، إن أصل الحضارة الفرعونية نوبي وهي حقائق علمية مثبتة أنثربولوجيا وجيلوجيا واضيف هنا إلى أن الحضارة دائما ما تنشأ من المنبع وتذهب إلى المصب وبديهيا أن الأشياء تتكون صغيرة ثم تتطور لتكون كبيرة وهي ما تعكسه صورة الإهرامات السودانية التي أقل حجما من تلك الموجودة في شمال الوادي حيث المسير إلى المصب وكثير من الفراعنة سودا وليسو بيض فقد حكم الفراعنة السود وادي النيل (شمال السودان الحالي وكل مصر) ومن أسماء الفراعنة الذين حكموا الوادي بعانخي، ترهاقا، شبكا، شبتاكا. الكثير من الاشخاص الذين يكابرون ولكن هذا لا يغير من الحقيقة شئ الحضارة ليست ملكا إلا لأهلها وهم النوبة في جنوب مصر وشمال السودان، والحقائق العلمية قالت كلمتها أي بأسبقية الحضارة النوبية على الفرعونية في شمال الوادي التي أصلا مستمدة من تلك النوبية في جنوب الوادي.