لا شك أن دعم السلع الإستهلاكية فيه تشوهات للاقتصاد ويقود لخلل أمني كبير عبر بوابة التهريب. وزيادة الكلفة الاقتصادية عبر مكافحة التهريب سواء القوة البشرية التي تحرس الحدود او المعدات اللوجستية.. بجانب أن توجيه الدعم للسلع يعطل الانتاج ولذلك البلد لا يمكن أن تنشأ فيها بنية تحتية أو مشروعات إنتاجية إستراتيجية حقيقية. لكل ذلك وغيره حتى الدول الغنية لا تدعم السلع الاستهلاكية لكنها تدعم الانتاج وتدعم الصحة والتعليم. وبناء على ذلك كل العقلاء في البلاد الآن ليس مع دعم السلع.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنالك شريحة كبيرة جدا من الشعب السوداني لا تستطيع تحمل هذه الجراحة القاسية ألا وهي رفع الدعم حتى يأتي رفع الدعم أكله. بمعنى يرتفع مستوى دخل الفرد لدى المواطن ويصبح قادر على مجاراة السوق الذي ” يشتعل” يوميا لمجرد تصريح سياسي يرتفع سعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه وعطفا على ذلك ترتفع أسعار كل السلع… إذن كيف تتم خطوة رفع الدعم؟. أولا أن تكون الحكومة قدوة في نفسها في ما يتعلق بترشيد الصرف وعلى أن تكون رشيقة وليست مترهلة. ودوائر أتخاذ القرار فيها موحدة. وهنالك قنوات منسجمة لإنسياب القرار وضمان تنفيذه. وبالتالي يكون من أولويات الحكومة الرعاية الاجتماعية ودرء آثار رفع الدعم عن الشرائح الضعيفة. وكذلك أن تتولى الحكومة مسؤلية الصحة والتعليم ورفع كلفتها عن كاهل الأسر الضعيفة.. لكن ماذا حصل في حالتنا الراهنة ؟ كل المطلوبات أعلاها لم يتحقق منها الحد الأدني. وأبرز عيوب هذه الحكومة هي تعدد مراكز إتخاذ القرار فالبتالي تجد كل القرارات مشوهة. حتى وإن جاءت مبرأة من كل عيب تجد الذي لم يشارك في إتخاذ هذا القرار يعمل ضده وبإمكانيات الدولة في !. لأن وضع البلاد الحالي هو عبارة عن دول عبارة عن جزر معزولة عن بعضها البعض داخل دولة ظاهريا موحدة. ولذلك جاء قرار رفع الدعم عن المحروقات الحالي مشوه للغاية ولا يقف على رجلين. وأبرز عيوبه من غير عدم معالجة الآثار المترتبة على الشرائح الضعيفة. هي أن السواد الأعظم من الشعب هنالك عيوب قبيحة جدا ويمكن تصنف بأنها غير أخلاقية أولها الحكومة جعلت سعرين للمحروقات وهذا باب كبير للفساد المحمي من قبل الحكومة نفسها فكيف يعقل أن يتحصل مواطن علي سعر جالون بنزين ب ٢٤٠ جنيه وآخر ب ٥٤٠ جنيه وعليهم التعامل مع المواطن على ضوء هذه الاسعار سواء تجار سلع أو اصحاب مركبات مواصلات أو نقل ألهم إلا يكونوا ” صحابة ” حين يدخلوا محطة المواصلات واحد يصيح التذكرة ب ١٠٠ جنيه لأنه أشترى الوقوة ب ٥٤٠ جنيه ويصيح الآخر التذكرة ب ٥٠ جنيه لأنه أشترى الوقود ب ٢٤٠ جنيه. الشاهد في الأمر أنه لا توجد آلية تحدد من يستحق الوقود المدعوم وكيف يحصل عليه وكذلك العكس… قال احد الأصدقاء لماذا لا تتخذ الحكومة سعر وسط بين السعرين ويكون موحد مثلا ٣٥٠ جنيه للجالون ويكون موحد وفات على صديقي بأن عصمة الحكومة بيد التجار لأن السعر التجاري يستورد بمال هؤلاء التجار وأصبح المال مالهم وهم من يتحكم فيه وأما المسمى الوقود المدعوم هو إنتاجنا المحلي بتكلفته العالية وقد يكون أغلى من العالمي لكنه يمكن يكون “سايب” ليعلم السرقة وإن كانت مجازا عبر الجيش الجرار من سيارات حكوماتنا المتعددة في بلدنا الواحد. وعليه تحرر سعر الوقود لم يرفع العبء عن حكومتنا الموقرة فقط بل رفع العصمة عنها وجعل التجار يتحكمون في السلع الاستراتيجية ومن يتحكم في السلع الاستراتيجية حتما سيتحكم في القرار السياسي ولذلك عصمة حكومتنا الموقرة الآن أصبحت بيد هؤلاء التجار متى ما “رموا عليها اليمين” ستصبح في خبر كان. وربنا يلطف بعباده..