لم أجد لعبارة ( طلعوا ميتينا ) أصلا في اللغة العربية، ولا في التراث العربي الشعبي فهي عبارة سودانية قحة تقترن بعبارة ( بالميت كدا ) اقترانا و ثيقا فهما وجهان ( لميت واحد ) ، ولم أجد لها استخداما في أي قطر آخر . واصل الحكاية أن السودانيين كانوا في أماد بعيدة يدفنون موتاهم داخل بيوتهم التي كانت حيشان كبيرة و ( مااااهلة ) تسمى بأصحابها ( حوش فلان ، و حوش ناس فلان ) ، ولعل عادة الدفن هذه مستوحاة منذ القدم من الأهرامات النوبية شمال السودان قبل أن تعرف المقابر بشكلها الحالي .
و عندما يرغب أصحاب البيت ( الحوش ) في بيعه يكون السؤال الأهم هل البيت *( بالميت كدا ) ولا حا ( تطلعوا ميتينا ) وتنقل الجثامين إلى مكان آخر و يسلم البيت للمشتري الجديد خال من القبور . فعبارة ( طلعوا ميتينا ) ليست من الشتم أو الإساءة في شئ ، ولا تمس كرامة الميت و لا أهله فهي لا تعدو أن تكون عملية إخراج و نقل لرفاة الميت إلى مقبرة أخرى . حدث ذلك عدة مرات كما حدث عندما بدأ تشييد كبري المنشية ( المقفول بأمر الثوار الآن )* فقد تم نقل الجثامين الكائنة في الجزء الجنوبي من مقبرة *( ود قلينج )* ببري اللاماب و المتاخمة لمسار كبري المنشية الغربي ، طلعوا ميتينا و نقلوهم إلى داخل المقبرة للسماح للكبري بالمسير .
و اليوم يغلق ثوار بري و الجريف ذات الكبري لأن *( حكومة الثورة )* تنكرت لثوارها و قتلتهم محتفلين بثورة أكتوبر المجيدة و مطالبين بتصحيح مسار ثورة ديسمبر 2019م الظافرة ، الثوار الذين صنعوا هذه الحكومة بدمائهم و أرواحهم الزكية الخالدة في وجدان الشعب السوداني الأبي .
نقف مع أهلنا في الجريف حتى يتم القصاص من الأيدي الغادرة التي اغتالت أحلام الشباب و سودت سماء ذويهم و لم تراعي فرحتهم بثورة السودان ، ولم ترعوي مما سفك من الدماء في فض اعتصام ميدان القيادة ، تلك اللطخة المشينة في جبين الغادرين للصائمين وهم نيام في حضن الوطن .
فيا حكومة القحاتة والله ما فضل ليكم إلا تبيعوا السودان وطلعوا ميتينا .
مع تحياتى ،،،
محمد الطيب عابدين
المحامي
بري اللاماب – الخرطوم