بعد ان أعلن الرئيس الامريكى ترمب نيته رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعيه للأرهاب ضج السودان بفرحة عارمة و ظهر حمدوك الذى كان مختفيا و البلاد تتلوى من الجوع و الازمات و ابتسامته العريضة تبشر بحل ازمات السودان و احتل الخبر و هو لا شك خبر ايجابى كل وسائل الاعلام و الميديا السودانية .. و لكن نحن نريد من السودانيين ان يقتصدوا فى فرحتهم و تفاؤلهم لأان هذا القرار ليس الا جزءا من مشكلة قديمه و عويصة و معقدة و لكى نشرحها لابد من الاستطراد قليلا و نطلب منك ان تتابعنا عزيزى القارئ …..
منذ بروز السودان كدولة زراعية فى القرن الماضى و نجاح مشروع الجزيرة و مشاريع النيل الابيض و نمو صادرات السودان من الحبوب و المحاصيل النقدية مثل البذور الزيتية و الصمغ العربى و الامباز و المواشى و الجلود و وغيرها …. كانت عملية التصدير واضحة و منسابة و تحت سيطرة البنك المركزى – بنك السودان – الذى يراقب و يسيطر على سياسات و عمليات التمويل التى تقوم بها البنوك تحت القوانين و اللوائح التى تضعها وزارة المالية و بموجب هذه المنظومة كانت حصيلة الصادرات من العملة الصعبة – الدولار و الاسترلينى و العملات الخليجية- تدخل الى خزينة البنوك و بنك السودان كعملة اجنبية و يستلم المصدر و التاجر قيمة ارباح صادراته بالجنيه السودانى…. . خلى بالك … بالجنيه السودانى … و بالتالى كان هناك بأستمرار و لحقب طويلة احتياطى من النقد الاجنبى يدعم قيمة الجنيه السودانى و كان هناك ثبات و استقرار اقتصادى تمثل فى معايير كثيرة يعرفها الاقتصاديون اكثر منا و منها ثبات قيمة الجنية امام العملات الاخرى و عدم ظهور التضخم و ثبات عملية الصادر الناتجة من الانتاج الزراعى المستقر و المستمر و الثقه التى يحظى بها الاقتصاد السودانى لوجود احتياطيات محترمة و قوة البنوك و عدم وجود الفساد . فى أواخر عهد نميرى ظهر الفساد مستشريا و أفلست كثير من المشاريع و الشركات للفساد و سوء الادارة و برزت الرأسمالية الطفيلية و بدت هى المسيطرة على السوق للزواج بينها و بين المتنفذين فى السلطة و عندما تمت المصالحة الوطنية و طبق عراب الحركة الاسلامية الترابى نظرياته الانتهازية فى التغلغل فى الاتحاد الاشتراكى و السيطرة على السوق عن طريق طرد الرأسمالية التقليدية و خنقها عن طريق انتهازية مايسمى بالبنوك الاسلاموية و تحالف رجال المال الاسلامويون مع الطفيليين و تمت اكبر ضربة لقوة رصانة الاقتصاد السودانى عندما صدر قانون النل فاليو NIL VALUE مسنودا ببهاء الدين ادريس و على الحاج و بدر الدين حمدى و بقية تجار الجبهة القومية الاسلاموية و هو القانون الذى سمح للمصدرين و التجار بالاحتفاظ بحصيلة الصادرات التى يقومون بها خارج البلاد او فى حساباتهم الخاصة و عدم توريدها للبنوك او بنك السودان. و من هنا فقدت البنوك رصيدها من العملة الاجنبيىة و بدأت قيمة الجنية فى التراجع و كانت هذه اول خطوة فى جنازة المرحوم الجنيه السودانى. و عندما جاءت الانقاذ كل الناس تعرف مالذى حدث …. فساد بالمليارات… نشأت عدة بنوك أسلامية لا تخضع لبنك السودان … منظمات و شركات عسكرية و امنية تصدر و تستورد بأعفاءات تجعل منافستها مستحيلا و سيطرتها مطلقه و جاء تصدير الذهب كضربه اخرى لأقتصاد البلد و تهريب و طباعة العمله و غسيل العملة داخل السودان الخ……ثم أن تجارة الدولار خارج الجهاز المصرفى جعلت تجار العملة و المصدرين و الرأسمالية الطفيلية و القيادات العسكرية المتحالفة معها تسيطر تماما على الاقتصاد السودانى و مازالت و ستظل .
هذا السرد المفصل اضررنا اليه عزيزي القارئ للرد على الحكومة الانتقالية فى فرحتها العارمة و دعايتها لموضوع رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للارهاب و ان هذا سوف ينقذ الاقتصاد السودانى من الهاوية التى وقع فيها و تهليلها و تطبيل وسائل الاعلام لذلك , و هذا ضحك على عقل المواطن السودانى البسيط و تحايل على شعارات الثورة و برنامجها و دماء الشهداء التى مهرتها و سكوت على المكون العسكرى المتحالف مع النظام البائد الذى سقط رأسه و مازالت شركاته و رجاله و بنوكة عاملة و نشطة و مسيطرة. ان الحكومه الانتقالية قد تنجح فى حل الازمات التموينية و لكن الازمة الاقتصادية مازالت موجودة بجذورها و هذه الحكومة و قوى الثورة مازالت ملزمة بأنجاز التحول وأصلاح الاقتصاد و اول خطوة هى ألغاء نظام النل فاليو و أدخال حصيلة الصادر من العملة الصعبة كلها الى البنك المركزى الذى يجب ان يسيطر على سياسات البنوك,,,و كفاية نهب و سلب … ديل ما بشبعوا ابدا