رصد: أحمد كفوتة – ترياق نيوز- الفاشر
(حرية سلام وعدالة الفن تعبير ورسالة) شعارا رفعه مبدعي مدينة الفاشر اليوم، تعبيرا عن الرغبة في معانقة قلعة النور والحب والجمال (المجمع الثقافي) والذي حظيت بميلاده مدينة الميارم منتصف سبعينات القرن الماضي، طموح يعلوا ثقف التعقيدات الضاربة في المشهد العام للعودة بهذا الصرح إلى حاضنة العطاء والتمدد، هو بالأحرى الرغبة بعودة وطن سُرق حين غفلة، ثلاثون عاما من التوهان، ميلاد جديد وعسير جسدته جدارية خطها أحدهم لشهيد عافت نفسه الاستلقاء، غياب قسري تحطم به مسرح الحبيبة إلى أشلاء بين الغابة والصحراء.
ثلاثون عاما انتهكت ايدلوجية الظلام عذرية الوطن، في سعيها الحثيث للعودة به إلى بوابة التاريخ الخلفية.
حشود جماهيرية
شهدت مباني المجمع الثقافي بمدينة الفاشر اليوم حشدا جماهيريا كبيرا للفرق الثقافية بالولاية مثل التقائها التقاء جيل البطولات بجيل التضحيات، تتقاسم هذه الحشود الرغبة في السمو الأبدي، صرخ الجميع في وجه المرحلة، كانت الصرخة الأكيدة والباقية في أن (لا الا “التجمع” و التوهج في ترابك أو رضابك أو كتابك).
ماض عريق
شهادة ميلاد المجمع تحكي انه نادي أهلي وهبه مواطنين كانت الحركة الثقافية تمثل اهتمامهم الأول منذ زمن بعيد، هي رواية جاد بها أبو ريشة في سرده لتاريخ الصرح العظيم، يواصل محمد الباقر عبدالله (ابو ريشة)، بالقول مجمع الفاشر ضمن أول ثلاثة مواقع ثقافية في السودان، كان ملازًا لنشاط الفرق الموسيقية والمسرحية، وكل مشاريع الفن قبل نسيانه و (فرزعته) في عهد الظلام الذي أفقد الفن هيبته وموقعه في الفاشر التي كان لها السبق في قيام أول عمل مسرحي في السودان احتضنه قصر السلطان على دينار بحسب قوله.
ويقول الموسيقى والملحن فتحي عبدالرحمن عبدالله التجاني بدأ المجمع الثقافي بإسم نادي الفاشر أو نادي دارفور وتحول إلى مبنى ثقافي في عهد الطيب المرضى حاكم الإقليم وقتها، أسس المجمع للثقافة والإبداع والفنون وتم افتتاحه رسميا في العام ١٩٧٦ وكانت به مكتبتين مكتبة للأطفال وأخرى للكبار تحوي كتبا قيمة، وأبرز فرقه الفنية كانت فرقة الفاشر المسرحية وفرقة الإبداع، فرقة الزهرة وكان ضاجًا بالحركة الموسيقية والإبداعية.
راهن المجمع
هذه البنايات هي غرف للفعاليات الثقافية وليست مكاتب لوزارة الثقافة والإعلام، هكذا تحدث المحامي وشاعر فرسان البوادي طارق وهو يشير إلى أن وزارة الثقافة والإعلام في مرحلة ما تجاوزت وتقولت على مبنى المجمع وتركت مبانيها للنيابة. وهو ذات الاتجاه الذي ذهب فيه الملحن والموسيقى فتحي حين قال: المجمع الثقافي هو مكان للثقافة وليس مكانا لإدارة الثقافة، موضحا أن المجمع تحت تصرف الإدارة العامة للثقافة وبه مكتب الأمين العام وموظفي إدارته، الذين خصصت لهم صالات الفن والرسم بعد تحويلها إلى مكاتب.
وهو ما يتنافى مع مبدأ تأسيس المجمع بحسب قوله، يضيف هؤلاء الموظفين لا محل لهم هنا فدارهم استُلِبت لصالح النيابة، مطالبنا إرجاع موظفي وزارة الثقافة إلى أماكنهم.
التنظيم
يقول طارق أن المثقفين في مدينة الفاشر ينقصهم التنظيم والإدارة وليست هنالك اتحادات لكل المجموعات الثقافية، راجيا أن تتوجه الأجسام الثقافية بعد استرداد مجمعها إلى ترتيب وتنظيم نفسها لتذليل صعوبات العمل الثقافي في مدينة الفاشر، إلا أن فتحي التجاني كشف عن لجنة تسيرية تمثل الأجسام الثقافية المختلفة في الولاية تتولى عمل تكوين الاتحادات الخاصة بالتشكيلات الثقافية على أن تقوم هذه اللجنة بتخصيص مكتب لكل مجموعة بعد استرداد المجمع.
مشروعية المطالب
يقول ابوريشة لابد أن يكون هناك بيت يخرج منه الإبداع وهذا بيت المبدعين، مبدعي مدينة الفاشر وشمال دارفور، فكان تحركهم بهمة وتضامن كبير في الإعداد للوقفة الاحتجاجية بعد أن جفت منابع الثقافة والفنون والمسرح من حياة المجتمع والذي أرجعه لانعدام مكانا تقدم فيه الفنون للسودان والعالم، في ذات السياق يقول فتحي التجاني أن هذا الحضور تعبير صادق لاسترداد حلم المبدعين، يواصل حديثه بروح متقدة ويضيف (كانت مبادرة من كل المبدعين في شمال دارفور شعراء، أدباء، مغنيين، موسيقيين، ملحنين، تشكيليين، مسرحين وفرق شعبية، لأن يحتشد الجميع في المطالبة بإرجاع شعاع الثقافة في المدينة من وزارة الثقافة والإعلام)
الثقافة تقود الحياة
الثقافة جسر تعبر بها دارفور والسودان من وحل الخلافات والتشظي إلى براحات التسامي والتسامح لأن الثقافة فن ولا عدو للفن وان كل ما يحمله الفنان ريشة وشعارات وكلمات رصينة وانغام شجية وألحان رائعة هكذا جسد الموسيقى فتحي معنى الثقافة تقود الحياة في تناوله لهذا الشعار الذي رفعه المحتجين بارزاً ليكمل حديثه بدور المسرح في هذه الحياة ويصدح بالمقولة الخالدة (اعطني مسرحا اعطيك أمة).
أعمال
يقول ابوريشة على مر أمد الصراع الذي شهده الإقليم قدمت التكوينات الثقافية أعمال تنشد فيها السلام ونبذ الحروب وتدعو للتسامح والإخاء، ويضيف أعمال مسرحية وفنية وابداعية لا سبيل لحصرها أبرزها التصدي لما تقوم به (الحكامة) والذي وصفها بأنها عنصر من العناصر التي تشجع الناس للحرب، فكان اسم العمل الحكامة فصدح يقول:
(يا حكامة روقي وخلي غناء الحرب
لا ربت بَعير لا صبيا حدب
غني على السلام الحبلو انكرب ولي بني القطية من قشًا وشِعب ولي فرح اليتامى البيتُم خِرب)
وآخر يقول
(اقعدو في بريش
كلام بشيش بشيش
نعام دا كان بطير داكو عندو ريش)
كذلك قدم عمل (حبل مقشاشة) الذي أصبح عمل وطني على مستوى السودان على حسب ابوريشة.
(حبل مقشاشة ولا تخلو ينقطع ارمي فراشك من دواس دا انقرع)
وعن نزع السلاح كان عمل الفنجري
(يا الفنجري اخو البنات
يا مطر البخات
السلاح زمانو فات
زمان خلو السلاح لي حالة
كلام جودية وعدالة اخير من الفصالة.
السلاح ما رجالة)
يضيف ابوريشة أن الفرق الثقافية قدمت الكثير من الأعمال ولكنها لم ترى النور ولم تصل إلى من قدمت من أجلهم هذه الأعمال لغياب المكان الذي يجمع المبدعين..
التفاعل الرسمي.
لم يتوانى والي شمال دارفور محمد حسن عربي في أخذ زمام المبادرة وتنزيل سحابة الرحمة على المبدعين المتعطشين للإبداع، إذ غرد على منصته الرسمية بالفيس بوك مؤكدا جدية حكومته على الالتزام بإحياء الثقافة والإبداع فى ولاية شمال دارفور .
ونزولا لمطلب المبدعين أضاف : المجمع الثقافى منبع تأهيل وتطوير المواهب و القدرات الابداعية ، ومركز وعي متقدم ، وسيظل عنوانا للحياة الثقافية بولاية شمال دارفور ، ملوحا في ذات الوقت لإدارة الثقافة بالبحث عن موقع آخر ل مكاتبها الإدارية وقال (المكاتب الإدارية بالولاية على قفا من يشيل).