حقيقة لا ننكر تفاعلنا مع لحظات الهياج الثوري وتفاعلنا مع كل ما يجرد ” الإنقاذيين” من ما اكتسبوه من مال الشعب ولو بسبب تقلدهم المناصب وما زلنا وفقا لما نصت عليه الوثيقة الدستورية او اي قانون تقره السلطة القائمة بل كنا نتطلع ان يتم التجريد بقرارات ثورية بمجرد سقوط رأس النظام لكن لأن الوضع بعد السقوط ظل مختل وتعاملت قوي الثورة بفن الممكن وبقاعدة ” ما لا يدرك كله لا يترك جله” ولذلك كل الململة الحاصلة الآن بسبب التسوية التي قدمت فيها تنازلات كبيرة َمن القوي المدنية ولذلك تدفع الثمن الآن فإذا اصابت الحكومة الإنتقالية نجاح ينسب مباشرة للمكون العسكري. مباشرة لانه ما زال يمسك بمفاصل الدولة والفشل ينسب للمدنيين” ” المدنية القلت عاوزنها ” والتاثير علي الراي العام لمن يملك الإمكانيات وهي لدى القوات المسلحة .. نعم تتظاهر مكونات الحكومة بأنها منسجمة وهي تتعامل بطريقة الفيلم المصري للراحل احمد ذكي ” انا لا اكذب لكنني اتجمل” لكن بصراحة الذي يحاول ان يكذب علي الشعب السوداني يكون قد كذب علي نفسه اولا ومعروف الشعب السوداني لا تخفى عليه أسرار مهما تكتم عليها ولكنه قد يتعامل معك بما تهوى ولو إلي حين صدقا او كذبا ولكن يمكن يفاجأك في أي لحظة و ” يفكك عكس الهوا” وللأسف حتى العناوين البارزة تفضح عدم إنسجام هذه الحكومة مثلا لديها ناطق رسمي بإسم المجلس السيادي وناطق بإسم مجلس الوزراء وناطق بإسم القوات المسلحة وناطق بإسم الدعم السريع وناطق بإسم الشرطة وكل لجنة لديها ناطق بإسمها لجنة الطوارئ الصحية ولجنة إزالة التمكين واللجنة الإقتصادية.. طبعا ح “ينط لي” واحد يقول هذه تخصصات مختلفة لكن اقول لكم اين الفرق.. ذات يوم كنت اتابع احد القنوات اللبنانية وهنالك إنتخابات تجري في لبنان وكان يتحدث وزير الداخلية اللبناني عن تامين الإنتخابات فبادره احد الصحفيين وسألة عن توقعاته لمن تميل الكفة أو شئ من هذا القبيل فألجمه برد مختصر فقال له “أسالني فقط عن النواحي الامنية والتأمينية” فتعالوا انظروا لألسنة حكومتنا المتعددة أي واحد من هؤلاء يبتدر حديثه بثورة ديسمبر والشباب الذين انجزوها ودم الشهداء وتحقيق اهداف الثورة السلام النازحين اللاجئين المشردين قضية السدود كجبار الشريك المناصير المسارات الشرق والغرب سعر الدولار الوقود المواصلات الخبز والقوانيين المقيدة للحريات محاكمة رموز الإنقاذ تفكيك دولة التمكين وممكن يعرج لقضايا دولية مثل قضية سد النهضة والفشقة وحلايب ويختم ب كورونا او يستمر حتى التلفزيون يقول ” إشششششششش” لو ما كان البث اربعة وعشرين ساعة.. وبالتاكيد إذا كان المتحدث مدني يقول ليك نحن والعساكر حاجة واحدة والعكس وكذلك الناطق بإسم الدعم السريع يحي قواته والقوات المسلحة والشرطة والامن ويختم ويقول نحن والقوات المسلحة الحالة واحدة! حقيقة كل هذه ” الدفسيبة” لا تجعل ما كان قلبه مع التغيير ان يتخلى عن دعم اي خطوة إيجابية مع القناعة التامة بأن التغيير لا يحدث فجأة والمدنية والمؤسسية لا تهبط كالغيث حيث تبنى بالجهد المخطط له ودولة المؤسسات الملتزمة بتخصصاتها ومهامها .. ووسط كل هذه الهالة القاتمة تظل قوى الثورة سواء كان شباب وشابات المقاومة ولا اقول اللجان التي قد يكون دخلها المتسلقين واصحاب الغرض والهوى وكذلك الفئات الراكزة والمتمسكة بمبادئ ثورتها قادرة ان تحافظ على راية التغيير وإن فشل هؤلاء وهذا هو العشم .. لذلك أحبطني جدا خبر مفاده بأن ” مجموعة نفير” تتسلم منزل نائب الرئيس الأسبق علي عثمان محمد طه وذكر بأن عضويتها ” 13″ الف هنا عادت بنا الذاكرة حين صادرت الإنقاذ مقرات الاحزات والاقليات وفلل وإستراحات خصماءها المعارضين وأصبحت توزع فيها يمنا ويسرا لتمكين جماعاتها وافرادها وبعد ذلك أصبحت تساوم ببعضها من يرضخ لها ويمضي في خطها الشمولي والدكتاتوري وفق رؤي وخطة لجماعة الإسلام السياسي موضوعة بعناية نعم.. ذبحوا الشعب ولكن أحسنوا الذبح بهدف وأساءوا الذبح بهدف.. ولكن ما بالنا نحن في عهد الحريات والديمقراطية نتعامل بخبط عشواء.. مجموعة طوعية واهدافها ميدانية تملك ” فيلا” في الرياض إيجارها الشهري لا يقل من ١٠ الي ١٥ الف دولار ويمكن بهذا العائد كل شهر تنفذ مشروع ولا بأس أن يكون لها مقر مثلا شقة لا يتجاوز إيجارها ٢٥ ألف جنيه سوداني لإدارة عملهم المكتبي وتنسيق مشروعاتهم.. ولكن أعتقد إتخاذ هذه الخطوة سيفسره أعداء الثورة بأنه عمل كيدي وإستفزازي ولكن ليس بالضرورة الخوف من إستفزازهم أو ما يطفح في إعلامهم لكن المهم كيف ” حنبنيهو” ونحن نتخبط والشعب ” يعيط”؟!