ثار يوم أمس، مُجدّداً النقاش حول موضوع إقرار الذمة المالية، وهو أمرٌ مُلزِمٌ بنص القانون، وهنالك قانون يُنظّمه، ونيابة مُختصّة تُشرف على متابعة ملء الإقرارات، وتُحدّد شاغلي المناصب والموظفين العموميين ممن يجب عليهم ملء هذا الإقرار قبل الشروع في عملهم.
أثارت إقرارات الذمة التي قدمها الولاة المدنيون للشعب السوداني، نقاشاتٍ كبيرةً على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ذلك وعيٌ مطلوبٌ نبع من ثورة ديسمبر العظيمة، ورعته أعين أبناء الشعب السوداني قاطبة.
وتلخصت النقاشات بين قادحٍ يعتبر أن إقرارات الذمة المالية لها طريقة محددة وقانون يُنظمها ولا يمكن تقديمها في ورقة بيضاء على السوشيال ميديا؛ وبين مادحٍ يؤكد أن هذا عصرٌ جديدٌ يُعلن فيه كلُّ مسؤول عن ممتلكاته قبل تولي الوظيفة العامة، والتي ظلّت لسنوات في العهد السابق مدخلاً مباشراً للثراء.
والحقيقة أن كلا الرأيَيْن صحيح، فإقرار الذمة المالية يُحدده القانون، ولكن ليس هناك ما يمنع المسؤول من أن يُخبر المواطن صاحب الحق الأصيل في الرقابة بموقفه المالي، إذ أثبتت التجارب أن للمواطنين دوراً فاعلاً في كشف فساد المسؤولين. وقد تلقينا في لجنة إزالة التمكين ومكافحة الفساد واسترداد الأموال العامة، عشرات المعلومات بالغة الأهمية والدقة من مواطنين راقبوا مسيرة مسؤولين، صعوداً في سلم الثراء باستغلال النفوذ والسلطة.
نُبارك للولاة الجدد ونحثهم على الإسراع في ملء إقرارات الذمة أمام النيابة المختصة، وأن يواصلوا في حديثهم عن وضعهم المالي للشعب ويدعونه للرقابة عليهم، لأن الرقابة الشعبية ستُعزّز حسن إدارتهم للمال العام.